التخطي إلى المحتوى الرئيسي

اليوم الرمضاني الأول للمرابطين.. ألفة ومعنويات عالية.. وعين تراقب بحذر


{ جدة - عمر البدوي 

< حل شهر رمضان على الأراضي السعودية الشاسعة على عادته، من إقبال الناس على الأسواق وانتعاش الحارات والأحياء بنبض هذا الموسم الاجتماعي والديني الأثير، أسهمت في زيادة فعاليته موافقته العطلة الرسمية لملايين الطلاب والمعلمين.
ولكن الطرف الجنوبي للبلاد يعيش ومنذ عامين وضعاً مختلفاً منذ اندلاع «عاصفة الحزم» التي تقود فيها السعودية تحالفاً عربياً في مواجهة ميليشيات الحوثي والمخلوع صالح.
وبينما تخوض المقاومة الشعبية اليمنية حربها داخل البلاد لاستعادة الشرعية ودعم الحكومة المعترف بها، تنتشر قطع وفرق الجيش السعودي على الحدود مع اليمن، لحماية البلاد من محاولات الاختراق المستميتة التي ينفذها أتباع الحوثي، استجابة لنداء ممولها وعرّابها في طهران.
الهدوء الذي تتمتع به السعودية مع اختلاف المواسم وتعدد المناسبات على رغم مرور الكثير من الوقت على مسألة اليمن، يفسره حجم التضحيات والمعنويات التي تبذل من أفراد الجيش السعودي هناك، حيث يرابطون ويكابدون ظروف الحرب المريرة، لتهنأ السعودية قيادة وشعباً في رغد العيش وقرار الحياة.
اجتمع أفراد وضباط فرقة راجمات الصواريخ المتمركزة في بلدة «الشرفة» التابعة لمنطقة نجران على السحور الأول لهم في هذا الشهر، بينما ينتشر بعض عناصر المجموعة التي يصل عددها إلى 40 فرداً في خنادقهم القاصية، لحماية الفصيل من المتسللين.
في الجبل خلفهم، تجري مناوشات مع خصومهم الحوثيين، بعد حجزهم عن مهاجمة الخطوط السعودية الأمامية، وصدهم عن منطقة «سقام»، أوقع الاشتباك قتلى في صفوف العدو، وخارت عزائمه للفوز بشبر من الأراضي داخل السعودية.
ثمة هدنة تفرضها المحاولات السياسية الدولية، لكنها لا تصمد أمام المنطق الحوثي المخترق من أصابع إيران، ما يجعل أفراد الجيش على أهبة الاستعداد لأي طارئ يمكن أن يبتدرهم في غفلة الهدنة الهشة. في «الربوعة» الواقعة في ظهران الجنوب بمنطقة عسير، ينتشر أفراد فرقة الألغام على خطوط التماس مع العدو بمعنويات مرتفعة، إذ زارهم أخيراً بعض قيادات الجيش لتهنئتهم برمضان وشد أزرهم وتذكيرهم بفضل مسؤولياتهم تجاه الله والوطن وإنسان هذه الأرض.
هناك، حيث تشق الجبال الوعرة كل الطرق والمفاوز، تصلهم وجبات الإفطار والعشاء والسحور بانتظام من قسم خدمات التموين «الميز»، إذ يبرع الطهاة العسكريون في إعداد الأطباق وتزويد الأفراد في مواقعهم المختلفة من دون أن يتعنى في سبيل ذلك شبراً واحداً.
أجواء الطقس معتدلة إلى حد كبير، ولا تسخن إلا عند استئناف العمليات العسكرية المتقطعة، وربما اضطر بعضهم إلى تناول إفطاره وهو يعد الذخيرة التالية لاقتناص عدوه المتحفز للإيقاع به، يشحذ الجندي آلته وهو يطفئ ظمأ الصوم بنمير الماء، ويعبد الله مرتين. على مشارف «الخوبة» بمنطقة جازان، تتوزع فرق المشاة الملحقة بالقوات البرية والبحرية هناك، يتناولون هواتفهم لتلقي التهاني والتطمينات من أهاليهم بمناسبة حلول هذا الشهر الكريم، ومع تفاوت المسافات وتنائي الأماكن يشعر بعضهم بالغبطة بين زملائه الذي قضى بمعيتهم قرابة عامين، يكتبون لهم في كل يوم فرصة واسعة للحياة.
يتشاركون طعامهم ومنامهم، ويحرصون على حماية بعضهم في الملمات، وفي المكان ألفة لا يمكن تفسيرها، ولا يعيشها إلا ابن التجربة - كما يقول أحدهم -.
في «شرورة» تخف حدة الحرب، ويتناوب المرابطون هناك حصص الرخص الرسمية للعودة إلى مساكنهم وقضاء بعض الوقت من رمضان رفقة أهلهم وأبنائهم، ثم يعودون إلى حيث ينتظرهم الواجب الوطني في حماية حدوده والذود عن أهله.
بالعودة إلى فرقة راجمات الصورايخ بالشرفة، حل المساء وحان وقت صلاة العشاء، واجتمع نفر من الأفراد في الموقع لأداء صلاة التراويح، يتقدمهم في كل مرة أكثرهم إلماماً بالقرآن، بينما يتوزع بعضهم في ظهر المجموعة لحمايتهم من أي طارئ قد يداهمهم، قبل أن يمتشق بعضهم السلاح لمزاولة ورديته المقبلة.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...