أسبوع مضى على الحملة التفتيشية التي نظمتها وزارة العمل بمعيّة عدد من الجهات المسؤولة لمراقبة مدى تنفيذ المحال والمؤسسات التجارية لقرار التوطين الجزئي بقطاع الاتصالات في مرحلته الأولى.
وكشف الحملات عن عدد من الملاحظات تسببت في إغلاق الكثير من المحال كعقوبة فورية لها نتيجة عدم الاستجابة للقرار، فيما سبقت بعض المحال إلى إغلاق أبوابها قبل الحملة التفتيشية بعد أن عجزت عن توفير الشروط أو الحصول على مواطنين لديهم الرغبة والاستعداد للعمل لديها.
ونحو تنظيم قطاع الاتصالات وإتاحة فرصه الوظيفية أمام الكوادر الوطنية، نفذت الفرق التفتيشية المشتركة، المكلفة بمتابعة قرار توطين قطاع الاتصالات بنسبة 50 في المئة في مرحلته الأولى التي بدأت غرة رمضان الجاري، 3200 زيارة لمواقع اتصالات متفرقة في مناطق المملكة كافة، وذلك في الأيام الثلاثة الأولى من انطلاق الجولات التفتيشية.
وتأتي هذه الحملات للتحقق من تطبيق القرار وامتثال القائمين على تلك المنشآت لما تضمنه القرار من بنود وتعليمات واضحة تنص على توطينه وإحلاله بالكوادر الوطنية بدلاً من العمالة الوافدة.
وأعطي أصحاب المحال وفقاً لآليات تنفيذ القرار، مهلة 90 يوماً من بدء سريان القرار في الأول من جماد الآخرة الماضي، على أن يتم خلال هذه المدة التوطين بنسبة 50 في المئة، ليتم بعد ذلك توطين القطاع بشكل كامل في الأول من ذي الحجة من العام نفسه.
ويهدف القرار إلى إيجاد فرص عمل للسعوديين والسعوديات الراغبين في العمل بهذا النشاط، لما توفره هذه المهن من مردود مادي مناسب واستقرار وظيفي، والحفاظ على هذه المهنة لأهميتها أمنياً واجتماعياً واقتصادياً، والتضييق على ممارسات التستر التجاري. ويشمل التطبيق القطاعي لجميع فئات وأحجام المنشآت سواء كانت عملاقة أم كبيرة أم متوسطة أم صغيرة.
ضبطت فرق التفتيش في مكتب العمل بمحافظة جدة خلال يوم واحد فقط من عمر الحملة 105 محال اتصالات مخالفة للقرار الوزاري الخاص بتوطين 50 في المئة من إجمالي العمال فيها.
وبلغت المخالفات التي ضبطها المكتب إثر جولات نفذها 59 مخالفة توطين، و47 مخالفة لنظام العمل مع استمرار الحملات يومياً حتى نهاية شهر رمضان المبارك الجاري.
وفي سياق التحايل على القرار اضطرت بعض المحال إلى توظيف سعوديين من دون تدريب كاف يمكنهم من أداء وظائف المهنة على النحو المطلوب، على أمل بأن يذهب القرار في طيّ النسيان وتقل الحماسة لتعقب المقصرين كما جرى بالنسبة إلى قطاعات سبق وفرض توطينها لولا مواجهة العراقيل، التي يأتي في مقدمها إحجام الشباب السعودي عن الالتحاق بقطاعات عمل تقل فيها نسب الأمان والاستقرار الوظيفي.
ومما ساعد في خفض جدوى الحملات التفتيشية هو الترقب والعلم المسبق الذي حازه أصحاب المؤسسات التجارية الصغيرة بموعد الحملات التفتيشية، ما أسهم في تمكينهم من الاستعداد على نحو يحميهم من الوقوع ضحية مخالفات النظام والتعرض لعقوباته الموضوعة على هذا الأساس، وكان صادف القرار بالتوطين العطلة الرسمية للبلاد، مما ألهب حماسة الشباب للالتحاق خلالها والاستفادة من مردوها المادي قبل تركها باقتراب موعد الدراسة وتعريض المحال لمسؤولية الفراغ والقرار لتحدي الاختبار من جديد.
وتأتي مبادرة وزارة العمل والتنمية الاجتماعية بتوطين قطاع الاتصالات لتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، ويشكل خطوة مهمة تمهد الطريق نحو توطين أنشطة تجارية واستثمارية أخرى.
وتشكل القطاعات الخدمية بما فيها قطاع الاتصالات النسبة الأكبر في نمو اقتصادات الدول الكبرى، وهو ما يعرف بـ«الاقتصاد الناعم»، ويحقق توطين الاتصالات فرص عمل واعدة للشبان والفتيات السعوديين كما أنه خطوة إيجابية نحو توطين قطاعات خدمية ومهمة أخرى. وفي ظل انخفاض مشاركة القوى الوطنية في قطاع التجزئة، سيحقق انخراطهم ومشاركتهم في نشاط الاتصالات دعماً لحظوظ القطاع ويزيد من إنتاجيته للفرص الوظيفية وتحقيق العوائد المالية، وهو ما سينعكس في نهاية الأمر على المنظومة الاقتصادية في البلاد.
وتوقع اقتصاديون قدرة المبادرة على إفادة الاقتصاد السعودي، ومساهمتها في تحقيق الخطة الاقتصادية 2030، خصوصاً في توفير الأيدي العاملة السعودية، كما أنها ستحد بشكل مباشر من التحويلات الخارجية والتدفقات النقدية المحلية وتسهم في إعادة تدويرها داخل المملكة وهذا سينعش الاقتصاد المحلي.
ويعاني قطاع الاتصالات منذ مدة طويلة من الفوضى والعشوائية وازدحام المحال الموجودة فيه، وعلى رغم توفر خدمات نوعية للهواتف الجوالة في المجمعات التجارية الضخمة والوكلاء المعتمدين، إلا أن أسواقاً للجوال تقوم في أحشاء المدن وعلى أطرافها وتعطي فرصة واسعة للتكسب غير المنظم وتعرض المواطنين لمشكلات التحايل والغش التجاري وتستنزف اقتصاد البلاد ومقدراتها.
وتعمل مبادرة سعودة محال الجوالات إلى تجاوز مجرد توظيف السعوديين في المحال، إلى العمل على تصفية السوق وترتيبه ورفع مستوى الخدمات فيه على النحو المأمول، مع الإحاطة بالتحديات الحقيقية القائمة وعلى رأسها مواصلة العمل على المستوى ذاته من الجدية والدأب.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق