التخطي إلى المحتوى الرئيسي

400 متطوع يطلقون مبادرة لتعويض نقص المحتوى العلمي العربي


جدة - عمر البدوي 

عمل سعود حمد الدبيان طبيباً في برنامج الزمالة في طب الوراثة الإكلينيكي وطب الغينوم في كلية الطب بجامعة هارفارد الأميركية، ونال قبل ذلك درجة البكالوريوس في الطب والجراحة في المملكة، وعمل معيداً في كلية الطب بجامعة العلوم الصحية بالحرس الوطني في الرياض، انتقل بعدها إلى كندا لنيل البورد الكندي في أمراض الطب الباطني في جامعة تورونتو.
في بلد الابتعاث نجح في قيادة فريق بحثي لتحقيق نجاح طبي، كان الهدف من المشروع درس مدى وجود اختلال جيني في مجموعة من المرضى الذين يعانون من توسع الشريان الأورطي، الذي يعتبر أكبر شرايين الجسم. وبدأت الفكرة عندما عاين عدداً من الحالات، وجمع عدداً كبيراً من المرضى من مختلف أنحاء العالم، وأجرى لهم تحليلاً جينياً محدداً. وخرج بمجموعة من الأسئلة التي نتجت من البحث، والتي ساعدت على تكوين أفكار لمشاريع بحثية مستقبلية مهمة لتكوين فهم عميق عن المرض.
ويعتقد الدبيان بوجود فرص في بلادنا، «لكن الجو العام لا يساعد في الإبداع»، ويعاني نظامنا الأكاديمي من «البيروقراطية القاتلة التي تمنع الشخص من محاولة الخروج عن المسار المُخطط له في العملية التعليمية المبنية على التلقين والحفظ، ثم المطالبة بالإبداع بناء على ذلك». والمشكلة الأخرى، في رأيه، هي «قلة العمل الجماعي وتفضيل العمل الفردي، وهذه تمنع احتضان الأفكار الجديدة وإعطائها فرصة للنمو والتطوير».
ويرى أيضاً أنه يقع على عاتق المبتعثين «مسؤولية عظيمة لنقل الخبرات والتطوير إلى أرض المملكة، فما يغفل عنه الكثيرون هو دور المؤسسات التعليمية والجهات الرسمية والشركات والمجتمع ككل نحو الإفادة من المبتعثين وخبراتهم»، مضيفاً: «يصنع المجتمع جميع العقبات والشروط التعجيزية أمام الشباب ثم يطالبهم بالمساهمة في تطوير المجالات العلمية والإدارية، وهذا يحتاج إلى وقفة وإجابة من وزارة التعليم والمؤسسات الأكاديمية المختلفة».
من هذه الخلفية نبتت في ذهنه فكرة إنشاء مجموعة علمية تطوعية تهدف لإثراء المحتوى العلمي العربي على شبكة الإنترنت بعد عودته إلى السعودية. فكانت مجموعة «نون العلمية» التي تظهر للمتابعين بشكل «موقع إلكتروني علمي موجه لشرائح المجتمع العربي بكل أطيافه وأشكاله». ويحوي الموقع مقالات علمية من إنتاج أعضائها أو مقالات علمية مترجمة في مختلف التخصصات (الطب، والفيزياء، والفلك، والكيمياء، والصيدلة، والعلوم الإنسانية، والأحياء، والرياضيات، والهندسة، وعلوم الحاسب والتقنية، وغيرها).
وأُنشئت «المجموعة» مطلع آذار (مارس) 2014، بجهود عدد قليل من المتطوعين والمتطوعات المحبين للعلم ولخدمة العلم من مختلف الدول العربية. وأُنتج في البداية مقالات علمية رصينة وفيديو وانفوغرافيك علمي، وتم عمل لقاءات علمية مباشرة مع علماء بارزين.
ويحوي الموقع كذلك انفوغرافيكاً علمياً ومقاطع علمية مرئية مشوقة. وتستعين «المجموعة» بوسائل التواصل الاجتماعي المختلفة للوصول إلى باحثي ومحبي العلم والمعرفة، وخلال فترة قصيرة أصبح لها قاعدة جماهيرية من المتابعين.
وخلال عام 2015 تم تكريمها من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في حفلة تكريم الفائرين بجائزة الملك خالد لشركاء التنمية، نظير جهودها التطوعية في التنمية الاجتماعية والعلمية.
وتتكون «المجموعة» من ثلاث مجموعات رئيسة، لكل منها أقسام وتفرعات رأسية أو أفقية أو كليهما معاً. وهي: الإنتاج العلمي، والنشر الإلكتروني، والتطوير. لكل تلك المجموعات الرئيسة مشرف رئيس ومشرفو أقسام. والهدف الأساسي لـ«المجموعة» أن تكون «مؤسسة علمية تطوعية مستقلة تخدم العلم وتبسطه وتنقله بوضوح بعيداً عن التعقيد الذي تمتاز به العلوم الطبيعية خاصة». وتهدف أيضاً إلى أن تكون «مرجعاً علمياً عربياً للمتخصصين من خلال إتاحة مصادر تتميز بالموثوقية والرصانة العلمية لتكون باللغة العربية وفي متناول الجميع».
كما تهدف إلى «جمع المهتمين بالعلوم المختلفة تحت مظلة واحدة للارتقاء بالمجتمع العلمي العربي، وتسعى إلى توفير فرص تطوعية باعتبارها جزءاً من دورها في الخدمة المجتمعية». وتمثلت إنجازاتها منذ انطلاقها وحتى الآن، بحسب مشرف التطوير حمد الصقر بـ«إنشاء موقع إلكتروني بتصميم جذاب وُضع فيه شعارها ليحوي إنتاجها، وإجراء أربع لقاءات علمية مباشرة مع علماء بارزين، وتسهيل التواصل مع المتابعين من مختلف أنحاء العالم من خلال إنشاء حساب خاص على «تويتر» باسم (إدارة نون) لتلقي الاستفسارات والملاحظات، وإطلاق مبادرة (اقرأ لنرتقي) لقراءة الكتب العلمية المميزة بشكل سهل وقريب من المتابع، وإنتاج بودكاست علمي متنوع إلى جانب الفيديو العلمي والانفوغرافيك والمقالة العلمية، ورعاية مسابقات علمية مع جهات مختلفة، مثل: مسابقة نادي النانو بجامعة الملك سعود، ومسابقة نادي الطلاب بجامعة الملك سعود بن عبدالعزيز الصحية #لأنك-الحياة، والمشاركة مع مجموعة #إكسير في معرض #إكسير بجدة، وإقامة فعاليات والمشاركة في أركان وفعاليات مع بعض الجامعات والكليات، ويعتبر أهم إنجاز حصلت عليه هو حصد جائزة الملك خالد، فرع شركاء التنمية في نهاية عام 2015، وغيرها من الإنجازات التي حصلت عليها منذ تأسيسها وحتى الآن.
وتسعى «المجموعة» مستقبلاً إلى إنشاء مجلة علمية مجانية متاحة بشكل كامل للمتلقي العربي. وتسعى أيضاً إلى إقامة معارض علمية لتبسيط العلوم ومشاركة محبي العلم ميدانياً. وتهدف كذلك إلى التعاون مع الجامعات والكليات في خطوة لتوسيع نشاطها وانتشارها.
ووصل عدد أعضائها من التخصصات العلمية المختلفة إلى حوالى 400 عضو، يتوزعون على أقسام الإنتاج العلمي الثلاثة، وهي: المقالات، والانفوغرافيك، والعلوم الصوتية والمرئية، في حين أن عدد الإنتاج العلمي للمجموعة (مقالات علمية، وانفوغرافيك علمي، وفيديو وبودكاست علمي) تجاوز 500 عمل نشرته في حساباتها، فيما بلغ عدد المشاهدات الكلية للموقع منذ إطلاقه بالنسخة الجديدة أكثر من 200 ألف مشاهدة.

الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...