وكأن شياطين الثقافة صفدت مع الأبالسة، لا تفسير قاطع إذا كان الأمر متعلقاً باشتباه في المضمون أو التباس في الوظيفة، أم هو الكسل واختيار الراحة والهدوء على القلق «ووجع الرأس».
لا أنشطة ثقافية يمكن أن تحضرها أو تسمع عنها في رمضان، لا أمسيات شعرية ولا ندوات ولا مسامرات، سوى ما ينز من نقاش على مساحات الواقع الافتراضي ، وإلا فإن العمل الثقافي متوقف تماماً ولا تسمع له ركزاً.
وفي شهر مثل رمضان فإن الثقافة بمقدورها أن «تتأسلم» وتتناول الفكر الديني والثقافة الشرعية بالنقاش والبحث والتداول، ولكنها لن تسلم في كل الأحوال من تهمة «الأبلسة» والقصد بسعيها مواطن الريبة والشك.
ولعل الثقافة يوم ترتاح في رمضان فإنها تختار السلامة على المغامرة.
غياب الجماهيرية هو الصداع الذي يفلق رأس المعنيين بالثقافة، إذ تعاني مناسباتهم وأمسياتهم من شح الحضور، وفي رمضان يتسيد «التلفزيون» المشهد، ولا قِبل للمثقفين بمنازلته وهو سيد الأمور في زين الأشهر.
فيما ينكب الناس على بحث مسائلهم الفقهية واستفتاء المنافس التقليدي لشيطان الثقافة، يجلس المثقفون على مقاعد الفرجة، بينما يخصم الشرعي مزيداً من رصيدهم الجماهيري وقد انفرد بالشعبية من جديد في شهر لا يجايله فيه منافس.
وفي أجواء محمومة بالجدل وحراك فكري لا يهدأ، فإن الثقافة تعقد هدنة مع موسم لالتقاط الأنفاس وترتيب الأوراق، قبل أن ينقضي رمضان وتعود دوامة الاستقطاب الفكري وحدة النقاش الثقافي.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق