< في الوقت الذي يحاول فيه المسلم ممارسة ازدواجيته الشهيرة بالامتناع عمّا يراه محرماً خلال رمضان المبارك، ثم العودة إليه بانقضاء الشهر وكأن شيئاً لم يكن، مثل النظر إلى «الحرام» والسماع إلى «الحرام» ومعاقرة «الحرام» بكل أشكاله، تتنافس الشاشات في المقابل باستعراض مفاتنها والدفع بما جادت به عقودها مع الحسناوات والفنانات، حتى أصبح الشهر كما هو مساحة للتدين الموسمي، صار من جهة منصة للإنتاج الفني والتلفزيوني المتزاحم على بصر المسلم والمتراكم على بصيرته.
فوازير أو مسابقات توظف الأنوثة ويسيل لها لعاب المشاهدين، ومسلسلات تضرب على مسائل التعدد الزوجي وتغرق في كشف المستور من بطائن الأمور ودفائن الصدور، في نظم ميديائي وإلهائي لا يحيط به الوقت ولا يبرع فيه إلا شيطان المسلاة الغارقة في تفسخها.
تنهار مقاومة المسلم المحتاط لصومه عند أول عتبات الشهر، وإن سلم من لأواء النظر إلى «الحرام» ومكابدة غضه وصرفه عن المفاتن الباذخة، فإنه قد يبتلى بحفلة من التناوش الأيديولوجي على مساحات الافتراض لمطارحة الحلقات التلفزيونية من مسلسل ما بعد الإفطار، واستغل قضايا الساعة لاستفزاز أطراف المشهد المحلي المتحفزة للاشتباك، وحيازة حصة الأسد من عناية الجمهور وتركيزه، وورع المسلم في كل الحالات عرضة لنهب الشاشة والتهامها لوقته.
أصبح رمضان فرصة ذهبية لصناعة النجوم، بل كان رمضان - كما يأسف له بعض المتدينين - نقطة تحول في المشوار الفني أو انطلاقة حقيقية لصعود بعض نجمات الفضاء التلفزيوني، ممن كان «الجسد الفاتن» هو جسر عبورهن إلى الشهرة، ورمضان هو اللحظة الجماهيرية المكثفة للظهور الأول، ومن بعده اقتعدت في منصة النجومية الناجزة وانهمرت العروض.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق