آخر تحديث: الإثنين، ١٢ مارس/ آذار ٢٠١٨ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي
عاد الشاب إبراهيم الفقيه للتو من مستشفى الملك فيصل التخصصي بجدة فرحاً، وهو يحمل بطاقة تثبت نيته الجازمة بالتبرع بأعضائه السليمة فور وفاته، لحظة تحين ساعة الأجل، موضحاً أنه يريد أن يقدم شيئاً مفيداً للآخرين عند رحيله، وربما تكون له النية الصادقة، وقاية وحماية من تصاريف الأيام، كما أن هذه الخطوة الجريئة تعطيه شعوراً مريحاً بالإيجابية.
ويضيف: «قرأت عن الفكرة بتمعن، وقلبت وجوه النظر في القرار قبل أن أتخذه، رافقت أحد أقاربي إلى باكستان لزرع كلية، شعرت بقيمة العمل والفرحة التي تحصل لإنسان يتعطش إلى صحة وعافية تعطيه إياها أعضاء سليمة، وقررت المضي في هذا الاختيار من دون تأجيل».
ويشبه الفقيه كثيراً من شباب جيله ممن اتخذ نوعاً مختلفاً من الأعمال الخيرية والتطوعية في المجال الطبي، مستذكرين الآية القرآنية الكريمة (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعاً)، وهو النص نفسه الذي كتب على لوحة عريضة في مداخل أحد بنوك الدم بالمستشفيات
السعودية.
ويستقبل الأخصائي علي عثمان، وهو مدير بنك الدم بأحد مستشفيات ساحل مكة المكرمة الجنوبي، عدداً من الحالات لشباب يرغبون في التبرع بالدم، ويقول: «بعضهم يزورنني باستمرار، لا لشيء سوى أنه اتخذها عادة بالنسبة إليه، لاسيما أنه يشعر بآثار صحية ونفسية نتيجة التبرع بالدم، بعضهم نظمنا لهم حفلة تكريم، بعد تجاوز عدد مرات تبرعه أكثر من ١٠ مرات، وهذا تقليد تتبعه غالبية بنوك الدم في السعودية».
وتدعم الجهات الحكومية، وبأعلى مستوياتها، هذا النوع من الجهود الفردية والجماعية لخدمة الجانب الطبي في المجتمع، فمثلاً، منح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود أخيراً، وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الثالثة، للمواطن ياسر علي عسكر اليامي، بعد تبرعه بالكلى لوالده، ويحدث مثل هذا كثيراً، بعد كل قصة فداء يسطرها شاب سعودي تجاه محتاج.
ويشير رئيس «مبادرة طب» المنبثقة من كلية الطب بجامعة أم القرى حسن هادي الزبيدي إلى أنه يعرف بعض المجموعات التي خصصت نفسها للتعامل مع بعض الحالات الطارئة، التي تحدث في نطاق المنطقة، إذ يتواصون ويتنادون لتغطية عجز بعض بنوك الدم، وعون بعض المرضى بحاجتهم من الدم عند الضرورة.
وتهتم «مبادرة طب» بنشر ثقافة صحية مجتمعية واعية، وتنظم عدداً من المناسبات في مواقع مختلفة، لتحقيق هدفها، وينتسب إليها طلاب من الجنسين في كلية الطب بتخصصات مختلفة، ويقدمون خدمات مجانية للمستفيدين، وشاركت في مخيم توعوي خلال إجازة الصيف، بالتعاون مع جمعية «زمزم» للخدمات الصحية، وهي واحدة من أكثر المبادرات نضجاً وخبرة في المجال الطبي على مستوى السعودية.
وتسجل مواقع التواصل الاجتماعي والصحف وشاشات التلفزة في كل مرة قصة تجسد معاني البطولة والتضحية لشباب سعودي قدموا بضعاً من أجسادهم ودمائهم لوجه الله ورفع معاناة آخرين نهش الوجع والألم أجسادهم المنهكة.
إبراهيم عبدالرحمن أو إبراهيم بحسب شهرته في مواقع التواصل أعلن يوماً ما «طلب تبرع بالكبد» لابنة أحد المرابطين في الحد الجنوبي، ووقع على الإعلان نظر أحد متابعيه من الشباب، الذي لا يربطه به سوى أثير منصة «سناب شات»، فحضر ليتبرع بقطعة من كبده إلى فتاة صغيرة لا يجمعها به سوى الرغبة في الخير وحب رفع المعاناة من على كاهلها، يقول: «إعلان عابر لم يكلّفني أكثر من دقيقة واحدة غيّرت حياة إنسان».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق