من جديد؛ ساحة السعودية براء من أدنى إثبات أو دليل أو برهان على علاقتها أو تورطها في أحداث الـ11 من أيلول (سبتمبر)، على رغم كل محاولات الترصد والتقصد من أطراف دولية وإقليمية تحاول إلصاق التهمة ووصم السعودية ومواطنيها بهذا البلاء، الذي ترفضه فكرياً ولوجيستياً.
كلما زادت أطماع المتربصين بسمعة السعودية وصورتها دهمتهم الخيبة، وعادوا من معارك المؤامرة بخفي حنين وألم عريض يعزز براءة السعودية، عبر تاريخها وواقعها، من تهم الإرهاب والتشدد.
السعودية المأخوذة في برنامجها نحو المستقبل، كلما تقدم بها العمر زادت خطواتها إلى المضي باتجاه ديمومة تنميتها واستقرارها وصيانة مركزيتها تجاه الإنسانية، تستمر محاولات المغرضين لجرّها إلى بؤر التهم وتحميلها مسؤولية الخراب الذي يؤذي العالم ويشتكي منه كل طرف وبقعة منه، وكأن غبار المعارك القانونية، الذي لم يتوقف منذ الأحداث المشؤومة في صبيحة الـ11 من أيلول (سبتمبر) في نيويورك، ينجلي في كل مرة عن السعودية، وهي مزهوة ببراءتها!
وأخيراً ردت محكمة مانهاتن بولاية نيويورك الأميركية أربعة آلاف صفحة تقدم بها مدعوون يزعمون فيها تورط السعودية في الأحداث، مطالبين بتعويضات مالية، لترفضها المحكمة جملة وتفصيلاً وترد الدعوى.
صيغت هذه الورقات كبيت عنكبوتي واهن، أريد لها أن تكون مصيدة للسعودية، ولكنها ألقت بحبائلها على أصحابها وردت عليهم بضاعتهم خيبة مدوية في أروقة العدالة، وهو استمرار وتأكيد لجميع التقارير السابقة والحالية الصادرة من السلطات الأمنية الأميركية، إضافة إلى ما أوردته لجنة مراجعة «هجمات 11 سبتمبر» التي أكدت مرات عدة براءة السعودية من الأحداث الإرهابية، ولم تجد أي دليل ضدها، وما أفصحت عنه الورقات الـ٢٨ قبل ذلك من أن كل ما يزعمه خصوم السعودية لا يرتقي إلى اعتباره أدلة، ولا يمكن الاعتماد على مجرد قصص وإشاعات يتناقلها الناس أو يحاول أن تروج لها مافيا التعويضات.
تبرئة السعودية من المسؤولية عن «هجمات الـ11 من سبتمبر» كانت صدمة وخيبة كبيرة لقائمة واسعة من أعداء السعودية، راهنوا طويلاً على الإيقاع بها في مناطق الاشتباك القانوني، ولكن الخيبة كانت جواب محاولاتهم المضنية في كل مرة.
في الوقت الذي كانت فيه السعودية تستثمر في أبنائها وإمكاناتها لبناء المستقبل والوصول إليه بأفضل عدة واستعداد، كان البعض الآخر يستثمر ويستنزف ما أوتي من خيرات وطاقات للإضرار بسمعة السعودية ومكانتها، حرم شعبه وأقتر في الإغداق عليه وأنفقوها في مناكفة السعودية، ثم عادت عليهم حسرات.
نفخوا عبر أجهزتهم الإعلامية وآليات الاستمالة وشراء الذمم في روح «جاستا» الجائر وإذكاء فعاليته لمواجهة السعودية، لكنهم خسروا الرهان وبارت سلعهم وأجهزت عليها براءة المملكة ونقاء ثوبها من لطخة الإرهاب.
" جاستا " ولد ميتاً .. والخوف من آثاره على واشنطن أبطل مفعوله
أقرّ الكونغرس الأمريكي بشكل نهائي قانوناً يسمح لأسر ضحايا هجوم 11 سبتمبر/ أيلول 2001 بمقاضاة المسؤولين في دول بعينها ، على الأضرار التي لحقت بهم، على الرغم من استخدام البيت الأبيض حق النقض.
وأتت الموافقة على التشريع بالتزامن مع الذكرى الــ 15 للهجوم الذي وقع على برجي التجارة في نيويورك وأسفر عن مقتل نحو 3 آلاف شخص.
الأمر الذي دفع بكثير من الدول إلى لوم واشنطن واعتبار قانون " تطبيق العدالة على رعاة الإرهاب" المعروف اختصارا باسم قانون جاستا مقوضاً وناقضاً لمبدأ المساواة والحصانة السيادية وهو المبدأ الذي يحكم العلاقات الدولية منذ مئات السنين .
ومن شأن ذلك إضعاف الحصانة السيادية التأثير سلبا على جميع الدول بما في ذلك الولايات المتحدة .
طُرح المشروع لأول مرة في ديسمبر 2009، وأعيد مرةً أخرى لطاولة النقاش في مجلس الشيوخ في 16سبتمبر 2015، ثم أُقر من مجلس الشيوخ في 17 مايو 2016.
احتفلت بعض الدول الإقليمية بصدور القرار رغم ما يرد من تقارير تثبت تورطها في قضايا الإرهاب العالمي ، وجيشت أجهزتها الإعلامية لتحميل السعودية مسؤولية الأعمال التي وقعت في نييورك ٢٠٠١ ، ولكن جميع التقارير السابقة والحالية الصادرة من أرفع السلطات الأمنية في البلاد، إضافة إلى ما أوردته لجنة مراجعة هجمات 11 سبتمبر تؤكد باستمرار براءة السعودية من الأحداث الإرهابية وانعدام أي دليل ضدها .
الآثار المحتملة للقرار على واشنطن أبطل مفعوله ، وقد ولد ميتاً بعد اتخاذ الكونغرس الأمريكي الخطوات الضرورية من أجل تجنب العواقب الوخيمة والخطيرة التي قد تترب على سن قانون جاستا ، إذ قال معارضو التشريع في أمريكا إنه يمكن أن يؤدي إلى توتر في العلاقات بين واشنطن وبعض العواصم العربية ، وإلى اصدار قوانين انتقامية قد تسمح للمواطنين الأجانب بمقاضاة أمريكيين للتورط فيما يراه البعض هجمات إرهابية في العراق وأفغانستان مثلا.
قال السكرتير الصحفي للبيت الأبيض جوش ارنست قبل فترة وجيزة من تصويت مجلس الشيوخ على التشريع أن البيت الأبيض قلق من أن قانون جاستا يمكن أن يضع الولايات المتحدة ودافعي الضرائب والدبلوماسيين في خطر كبير إذا ما أقر قانون مماثل في بلدان أخر .
قصة «خالد شيخ» فصل من فصول الدعم القطري للإرهاب ورموزه
تعتبر قصة خالد شيخ محمد المتهم بأنه «العقل المدبر» لهجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001، واحدة من أكثر فصول العلاقة الوطيدة التي تورطت فيها قطر مع قضايا الإرهاب ورموزه.
إذ يرتبط شيخ محمد بالدوحة في الكثير من تفاصيل حياته، ويتشابك مع نمو توجه قطري راعٍ وداعم للجماعات المتشددة، تكشفت أولى خيوط هذه العلاقة بعد أن نجح شيخ محمد في الإفلات من قبضة الأميركيين عندما كان يعمل في وزارة المياه في قطر.
وفشل المسؤولون الأميركيون في إقناع الدوحة بتسليمه عام ١٩٩٦ وأضاعوا الفرصة لاعتقال خالد شيخ، وهو ما أشارت إليه رسالة وجهها مدير مكتب التحقيقات الفيديرالي «إف. بي. آي» في حينه لويس فري إلى وزارة الخارجية القطرية، وجاء فيها: «تلقيت معلومات مزعجة تفيد أن خالد نجا من مراقبة سلطاتكم الأمنية، وأنه على علم باهتمام (إف بي آي) به. إن الفشل في اعتقاله سيساعده ومعاونيه على مواصلة تنفيذ عمليات إرهابية».
خالد شيخ محمد المولود في الأول من آذار (مارس) 1964 من أصل باكستاني، كانت السلطات الأميركية تعتقد أنه ثالث أبرز قيادي في تنظيم القاعدة قبل اعتقاله في مارس 2003، إذ تم احتجازه في مكان مجهول حتى تم تحويله إلى سجن غوانتنامو.
وفي يوم الخميس الـ١٥ من مارس ٢٠٠٧ اعترف شيخ محمد أنه المسؤول عن أحداث ١١ سبتمبر من الألف إلى الياء، كما اعترف بالتخطيط لـ٢٩ عملية جهادية أخرى، بما في ذلك شن هجمات على مبنى ساعة بيغ بن ومطار هيثرو في لندن. ومن بين تلك الهجمات، التي قال خالد شيخ محمد إنه مسؤول عن التخطيط لها، محاولة تفجير طائرة ركاب فوق المحيط الأطلسي، باستخدام متفجرات مخبأة في أحذية، وتفجير ملهى ليلي في جزيرة «بالي» بإندونيسيا، بالإضافة إلى هجوم آخر على مركز التجارة العالمي في العام ١٩٩٣. عمل شيخ محمد في قطر، وكان مقرباً من الشيخ القطري عبدالله بن خالد آل ثاني، الذي شغل منصب وزير الأوقاف قبل انقلاب حمد بن خليفة على والده، إذ شارك في التخطيط للانقلاب، ومن ثم قام بتعيينه بعد نجاح الانقلاب وزير دولة للشؤون الداخلية، ومن ثم وزيراً للداخلية، وظل في منصبه إلى عام 2013، وبعد أن تنازل الأمير الأب لولده تميم تم إعفاؤه.
وصنّفت الدول الداعمة لمكافحة الإرهاب الشيخ عبدالله بن خالد آل ثاني ضمن قائمة المحظورين لديها، إذ يتهم بإيوائه ١٠٠ متشدد في مزرعته في قطر من بينهم مقاتلون في أفغانستان، وقام بمدهم بجوازات سفر لتسهيل تنقلاتهم عبر الدول، كما استخدم ماله الخاص وأموال وزارة الشؤون الدينية والأوقاف في قطر لتمويل قادة في فروع تنظيم القاعدة. ويأتي دعم قطر لخالد شيخ ضمن سياستها المزدوجة التي اعتادت عليها في مكافحة الإرهاب، إذ سمحت منذ منتصف التسعينات لإرهابيين ومتطرفين عرب، إما بالإقامة في قطر أو بالمرور عبر أراضيها بخلاف منح مطلوبين ومتهمين بالإرهاب جنسيتها، وهو الأمر الذي تنفيه الدوحة باستمرار على رغم تعدد الأدلة والبراهين بشأنه.
الروابط :
تعليقات
إرسال تعليق