آخر تحديث: الأحد، ٢٥ مارس/ آذار ٢٠١٨ (١٦:٢١ - بتوقيت غرينتش)المدينة المنورة - عمر البدوي
في سوق السقيفة الشعبية الملاصقة للحرم المدني، تنتشر أكشاك البيع التي يشغلها سعوديون وسعوديات يبيعون كل البضائع التي يحتاج إليها زائر مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم. حركة البيع لا تتوقف منذ بواكير الصباح وحتى ساعات متأخرة من الليل، تزدحم أروقة السوق بالمتجولين والمتبضعين، وتكاد بعض أيام الذروة تغص بالناس على اختلاف أعراقهم وجنسياتهم في شكل لا تكاد تجده في مكان آخر من هذا العالم الفسيح، بحيث يلفت انتباهك في شكل واضح الشبان والشابات السعوديات وهم يتبادلون الحديث مع الزبائن على اختلاف اللغات والجنسيات، إذ يتمكن البائع منهم على الحديث بأكثر من لغة في أقل من ساعة، تبعاً للزبون الذي يرد إليه ويحاول الشراء منه. أمانة المدينة المنورة طورت الكثير من تلك البسطات العشوائية، وحولتها إلى أسواق مرتبة في شكل أفضل، ومكنت من خلق فضاء تسوقي متميز، زاد من توافد شباب سعودي متطلع لتوسيع دخله وملأ وقته وتطوير مهارته التجارية، ومن ذلك تعلم اللغات عبر الاحتكاك بعشرات الجنسيات التي تفد إلى البقاع المقدسة. محمد الحربي، أحد شباب المدينة الذي لم ينقطع عن البيع في سوق السقيفة منذ عقدين، إذ ورث هذه المهنة من والده كما يقول الذي آن له الآن أن يستريح ويتكفل أبناؤه بإعالة البيت، يقول: «أتحدث لغتين بطريقة شبه متميزة، وبقية اللغات أتحدث بها وفق الحاجة، لأنني منذ صغري في هذه السوق وأحتك بكل الجنسيات، حتى برعت في تعلم مهارات تجارية إلى جانب لغات مختلفة». ويضيف الحربي: «هذه السوق لن تتوقف، واليوم تمتلأ بأجيال شابة تجدد فيها نشاطها وحركيتها، كما أن أعداد الزوار أصبحت أكثر، فضلاً عن المواسم الدينية التي تغص بحلولها الأسواق وتعد بمثابة وجبة ذهبية للباعة والتجار عموماً». وتعتبر الأسواق الشعبية في المدينة المنورة من أفضل أماكن التسوق التي يمر بها المسلمون أثناء زيارته للمدينة المنورة، ففي هذه الأسواق توجد البضائع التي تُباع بأسعار زهيدة وبجودة جيدة، فضلاً عن التحف والقطع التاريخية والعتيقة في هذه الأسواق المحملة بعبق الماضي ولمعة الحاضر، ففي سوق المناخة، الذي يعود تاريخه إلى عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ما زالت حركته التجارية قائمة ونشطة، نتيجة التدفق الهائل من المتسوقين الذين يفدون من مختلف أنحاء المعمورة من المعتمرين والزائرين للمسجد النبوي. ويعد المناخة، الذي يقع جنوب غربي المسجد النبوي، إرثاً تاريخياً يرتبط بالسيرة النبوية، إذ نُقل عن عطاء بن يسار القول: «لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل للمدينة سوقاً أتى سوق بني قينقاع، ثم جاء سوق المدينة فضربه برجله وقال: «هذا سوقكم، فلا يضيق ولا يؤخذ فيه خراج، وفي رواية فلا ينقص منه ويضرب عليه خراج». والتزم المسلمون بعدم تشييد أي بناء ثابت في المناخة، تنفيذاً لأمر أمير المؤمنين الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، الذي جعلها وقفاً للمسلمين، حتى أن المتاجر كانت جميعها مبنية على شكل عشش، وصناديق يسهل إزالتها، وبقيت المناخة سوقاً عامة ومناخاً لراحلة الحجاج.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق