آخر تحديث: الخميس، ١٢ أبريل/ نيسان ٢٠١٨ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة – عمر البدوي
أوضح القاص والكاتب محمد الشقحاء أن الحداثة مطلب المجتمع لمواكبة العصر، لافتا إلى أنه عندما انفض الاشتباك بين الحداثيين والمحافظين تكشفت الساحة عن فراغ من أية فكرة أو نظرية تستحق التأمل. ويقول الشقحاء في حوار مع «الحياة» ان الساحة الأدبية مريضة بالحسد والتصنيف، بقصد إلغاء اسماء أثرت المشهد الثقافي. ويضيف أنه يحافظ على جذوة النشاط والرغبة في داخله، بالتوقف عن الكتابة ومراقبة تحركات من حوله ورصد انفعالات الناس العاديين في الشارع أو في إدارات الحكومة أو في صراخهم على نادل المقهى. أما الركض الفكري والروحي الأدبي فلم يقطعه، وحاله الصحية اليوم تدفعه إلى الجلوس والمكوث في المنزل، إنما في داخله شيء يركض ويحفز على طرح الأسئلة.
الأديب الكبير المولود في مدينة الرياض (1947) كتب المقالة والقصة القصيرة والشعر منذ عام 1964، وأسهم في تأسيس نادي الطائف الأدبي عام 1975، كما شغل عضوية عدد من الجمعيات، وله مؤلفات متنوعة أسهم من خلالها في إثراء الحركة الأدبية والإبداعية في السعودية. وعن قصص الأديب الشقحاء صدرت دراسات ضمت في كتب عدة، وحصل على مجموعة من شهادات التقدير والدروع تقديراً لدوره في إثراء الحياة الأدبية السعودية، إذ نال شهادة تقدير من أمير منطقة الرياض الأمير سلمان بن عبدالعزيز، حينها، بعد إهدائه مكتبته الخاصة إلى مكتبة الملك فهد الوطنية عام 1418 هـ، وتم تكريمه في إثنينية الشيخ عبد المقصود خوجة في جدة.
فإلى نص الحوار:
> كما لاحظنا، ما زلت تتصفح ورق الصحف يومياً، على رغم الأزمة الخانقة التي تمر بها؟
- رائحة الحبر والورق دواء لمرض الفراغ، ومع التعود أصبحت الصحف الورقية والمجلات الورقية والكتاب الورقي إدماناً يعيد تعاطيها اليومي السكينة إلى أعماقي، وعندما لا أجد عنوانا ابحث عنه استعين «بالعم غوغل» فاخزن المادة في حاسبي ثم أقوم بنسخه ورقيا من خلال الطابعة للقراءة، وإذا كانت المادة حجمها كبيرا انسخها في «قرص» وأطبعه ورقيا عبر احد مكاتب خدمات الطلاب.
> كيف وجدت مرحلة التقاعد، وبخاصة لأديب يجد ما يشغله ويشتغل به؟
- أجمل ما وجدته في رحلة التقاعد أنني أملك وقتي وأوزعه وفق برنامجي الخاص؛ النوم، ومشاهدة التلفزيون، وتصفح الجرائد وقراءة الكتب، والجلوس أمام الحاسب، والمناسبات الأسرية، ولقاء الأصدقاء الشهري، والمقهى الأسبوعي أيضا مع الأصدقاء.
يعني لم اشعر بالفراغ ولم أفكر في السياحة والسفر داخل المملكة وخارجها، أنا أفضل السكون (بيوتي) سفري إذا دعاني ناد أدبي لنشاط منبري لا يتجاوز 36 ساعة، وافضل السفر وحيدا. كما أن التقاعد منحني إعادة النظر في ما صدر لي من كتب وإعادة طباعتها في مجلدات تضم أكثر من إصدار، وبخاصة في مجال عشقي الأزلي؛ القصة القصيرة.
> هل تتفق مع فكرة أن التعريف بالأدب السعودي ضعيف خارج المملكة؟ وكيف نتجاوزه؟
- من قال إن التعريف بالأدب السعودي ضعيف خارج المملكة جاهل، أو إن في صدره الحال المرضية التي تعيشها ساحتنا الأدبية، وهي الحسد والتصنيف حتى نلغي التميز لأسماء أثرت المشهد الفكري والأدبي في الداخل وتحدث عنها الآخر من عرب وغير العرب. الأدب السعودي في الوطن العربي من خلال المقدمات التي كتبت للكتب الصادرة في القاهرة أو بيروت أو دمشق اثبت وجوده، وإن لم تكن لدينا دور نشر وطباعة وتوزيع، التي لم تواكب الحراك الأدبي.
وها هو النادي الأدبي يصدر كتابه بالشراكة مع دور نشر وتوزيع عربية، فأصبح يتنقل معها من معرض للكتاب في الكويت إلى آخر في مراكش. التجاوز يتم من خلال ناشر عاشق للكتاب الأدبي، ووزارة الإعلام والثقافة أراها المرآة الحقيقية للوطن، عليها دور مهم في هذا المجال. ونحن أدباء ننتمي إلى هذا الوطن ولسان حاله.
> وصفت مقاطعة الأدباء للأندية الأدبية، بأمية المثقفين بدور المؤسسة، وأن الغياب حال نفسية أو نزق أديب، وكأنه لا يوجد مبرر حقيقي ومنطقي لهذا الموقف تجاه الأندية؟
- المثقف وصف عام، عندما وافق الأمير فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب على تأسيس النادي الأدبي كان منحة قدمها للأدباء ولم يقدمه بمثابة هدية للمثقفين. النادي الأدبي نظامه الحقيقي هو النظام الذي اعتمده الأمير فيصل بن فهد وتابعته إدارة واعية في الرئاسة العامة لرعاية الشباب أيام الأستاذ راشد الحمدان، رحمه الله، وأيام الأستاذ احمد فرح عقيلان، رحمه الله.
> جربت كتابة الرواية، ولك محاولات عدة وصفتها بـ«الفاشلة»، هل أصبحت فكرة كتابة نص روائي في طيّ التجاهل تماماً؟
- من جهة الرواية الطويلة نعم اكرر القول إني فشلت على رغم المحاولات المتعددة التي عرضت بعضها على الأصدقاء، ولكن لم تختف سمات الرواية في بعض قصصي القصيرة، تعدد الشخصيات والزمن الطويل، وان كان المكان محدودا، وهذا غفل عنه النقد، فلم تشر إلى ذلك كتب النقد أو الدراسات العلمية التي تفردت بالكتابة عن شخصيتي الأدبية.
> منذ ستينات القرن الماضي وأنت تركض في مضامير الأدب، كيف تحافظ على جذوة النشاط والرغبة في داخلك بلا ملل؟
- أحافظ على «جذوة النشاط والرغبة» بالتوقف عن الكتابة ومراقبة تحركات من حولي ورصد انفعالات الناس العاديين في الشارع أو في إدارات الحكومة أو في صراخهم على نادل المقهى. أما الركض الفكري والروحي الأدبي فلم اقطعه، حتى حالي الصحية اليوم تدفعني إلى الجلوس والمكوث في المنزل إنما في داخلي شيء يركض يحفز على طرح الأسئلة في لقاء أصدقاء تعودنا الحوار وتباين المعطيات إذا تصادف أن هناك حالاً تدعو إلى التأمل.
> وأنت ابن بواكير الحال الثقافية السعودية، كيف تنظر الآن وتقوم تلك المعارك الثقافية الحادة التي نشبت عن الحداثة وبقية المواضيع الجدلية؟
- الحداثة مطلب المجتمع لمواكبة مطالب العصر والمعارك التي تسنمها كتاب الصحف ودعاة منابر المساجد، وبصفتي مشاهداً لم أجد الوطن عند هذا الشيء الذي اسميه الصخب. فكل فرد - ولا أقول حزب - كان يدعي القيادة، بينما مبرراته هزيلة وطرحه لا يؤصل لنظرية، كلهم ناقل، وناقل بجهل يغضب إذا طلبت منه إيضاحا ومن هنا لاحظ الجميع بعد انتهاء الاشتباك أن الساحة خلو من أية فكرة أو نظرية تستحق التأمل بكل أسف. الحال الثقافية السعودية فيها من فاز كتابه بجائزة خليجية، ومنهم من شارك في ملتقيات عربية وفضل اختصار طرحه كي ينصت مثل طالب في فصل دراسي لما يقوله معلمه (الجالس بجواره على منصة المناسبة بصفة مشارك) بينما نحن اليوم المركز الثقافي الأول في الوطن العربي، كلهم عندنا يتحدثون معنا وعنا باحترام.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق