التخطي إلى المحتوى الرئيسي

" استدرك " من أمرك ما استدبرت



يبدو الإنسان ليس بمنجاة من مبدأ ( لو استقبلت من عمري وأمري ما استدبرت ) ، تتسع دائرة ذلك كلما زاد العمر وتقدم ، تصبح الحياة حينئذ أكثر حدة ووضوحاً ، وشحيحة من جهة الخيارات والمتاحات .
قائمة طويلة مما تتمنى لو أنك اصطحبته الآن ، لكنك إما أهملته استخفافاً أو ضعف همة ، ولاشك أن الحياة ستمضي به أو بدونه ، لكنها ستصبح أفضل وأجدى وأنفع مع وجوده .

يقلّ هذا عند المغامرين ، أولئك الذين يجربون فرصاً أكثر ، ويكابدون البحث عن ذواتهم باكراً ، الذين كان يشغلهم سؤال كيف أعيش الحياة بشكل أفضل ؟ وكيف أرفع من درجة استعدادي لأيامي القادمة .
الواقع أنه ينجح في تقليص مساحة الندم على فوات الأشياء ، لأنه اختبر نفسه في مواقف متعددة ، مكّنته ربما من العثور على الطريق الأنسب له ٬ لكنه لا يستطيع منع هذا الشعور بشكل أو بآخر ٬ إذ عادة الإنسان أن يطلب التمام في كل الأشياء ٬ وذلك لا يتوفر دائماً .

في سياق مقارب ، هناك من يوسع أثر ودور الظروف والأقدار في تشكيل حياتهم ، بما يبطل ويعطّل دوره تماماً ، وهو فهم مغالط وخاطئ ، وربما شق عليك وأورثك مزيداً من المتاعب والخسائر .
أنا مؤمن بفكرة توقيتك الخاص ، بمعنى أن وصولك إلى محطات معينة لا ينبغي أن يوافق الآخرين ، سيما أترابك في السن والظروف ، وأن شروطاً معينة يجب أن تعتمل وتلتقي لتصنع لحظتك المناسبة ، ويحدث هذا بمساهمة قوى خارج إرادتك وتأثيرك ، لكن دورك مهم وفاعل ، سيما - وبفضل تجاربك الشخصية - إذا طورت أدواتك ومهاراتك بما يقوّي ملكاتك ويضاعف إمكاناتك .


الأربعاء ٢ / ٨ / ١٤٣٩ دبي  club vista mare

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...