التخطي إلى المحتوى الرئيسي

حضور النساء يفوق الرجال في التراويح.. أحياناً


القنفذة - عمر البدوي
الأحد ٢١ يوليو ٢٠١٣

في محافظة القنفذة لا تتكلف النساء الراغبات في حضور صلاة العشاء والتراويح خلال شهر رمضان الكريم إلا عقد النية لذلك وارتداء عباءاتهن وتجشم مغادرة بيوتهن إلى أقرب مسجد، إذ لا تجد مسجداً في قلب المحافظة أو أطرافها إلا وقد بني إلى جانبه مصلى للنساء، يستعيد دوره وتفتح أبوابه خلال هذا الشهر الفضيل.
وتحرص كبيرات السن من نساء القرى في القنفذة على حضور صلاة العشاء والتراويح مع جماعة المسلمين، إذ يفوق عدد النساء في مساجدها جموع الرجال أحياناً، إذ تجد النساء في رمضان فرصة للصلاة فوق أطهر البقاع بعد احتباسهن عن ذلك على امتداد العام. في الطريق إلى المسجد تضع عجوز جاوزت الـ80 يدها على كتف ابنتها الصغيرة التي تدلها إلى طريق المسجد وقد تجشمت الصلاة فيه على رغم متاعبها الصحية ومشاق الكبر.
تدخل مصلى النساء قبل إعلان الأذان وتجلس في مقعدها البلاستيكي وتنغمس في الدعاء والصلاة والذكر حتى يحين موعد العشاء والتراويح، وبعد انتهائها لا تكاد تفارق المسجد لشدة ما تعلقت به. تحرص أم محمد على اصطحاب «المجمر» الذي تشتعل فيه أعواد البخور مع قطع الحطب المتفحمة، وفي طريقها إلى المسجد تلاصق جدران البيوت لمجانبة خلطة الرجال وهم في طريقهم إليه، ثم تضع المجمر في وسط المصلى لينشر عبقه الدخاني في أطراف المسجد استعداداً لاستقبال المصليات.
داخل المصلى تهتم الصغيرات بتلبية حاجات الكبيرات من توزيع الماء وتناوب البخور والمناديل وتوجيه مسار هواء المكيفات للحرج الذي تلقاه الكبيرات من البرودة، بينما يهتم المشرف على المسجد بتجهيز المصلى وترتيبه منذ صلاة المغرب لتهيئته بما يليق باستقبال النساء ثم يعقب خروجهن لإطفاء أجهزة التبريد والإضاءة وإغلاق باب المصلى حتى يحين موعدهن المقبل.
بعض أئمة المساجد النشطة تقوم بتحضير لقاءات دعوية وعقد محاضرات نسائية مع أفضل المحاضرات والداعيات المتخصصات في هذا الشأن لتلقي استجواباتهن الدينية وتعليمهن أمور الدين وما يتعلق بهن خلال هذا الشهر الكريم، فضلاً عن استفادتهن من المحاضرات التي تلقى في القسم الرجالي عبر مكبرات الصوت. لا يتعصب النساء في ارتياد المساجد للأئمة وأصواتهم، بل يتدخل دنو المسجد ومسافته في تفضيل خياراتهن كما تقول أم إبراهيم، التي ذكرت قصة معاناتها مع سلم المسجد الأسمنتي الذي حرمها الصلاة في المسجد القريب وكلّفها الصلاة في مسجد آخر، ولكن العقدة انفرجت بعد استجابة إمام المسجد لطلبهن وترتيب الصلاة لهن في مصلى سفلي مناسب وفق حاجاتهن. يتحفظ النساء على الخروج سريعاً بعد انتهاء الصلاة مباشرة لتجنب الاختلاط بالرجال إذ ينتظرن بعض الوقت حتى يصبح الطريق لائقاً بهن على أمل اللقاء غداً.



الرابط : http://alhayat.com/Details/534637

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...