واستقبلت الأمة الإسلامية شهر رمضان الفضيل ، إذ تبدو أسارير هلاله المبارك جليّة في كبد السماء تشق ظلمة الكون وتبدد قطع السواد التي تلف الأرض ، تنساب من خلال ضوئه البركة والبر والإحسان والرحمة والعفو والغفران .
يأتي هذا الشهر مرة واحدة في العام ، يعيد ترتيب حياتنا ويقيل عثراتنا ويجبر نقص أيامنا ، يرفع عن عواتقنا الغل والآصار التي تراكمت خلال العام وأثقلت كواهلنا حتى كادت تفتك بنا .
يعتمل فينا هذا الشهر الفضيل وعلى إعادة ترتيب أولوياتنا في الحياة ، يعيد تموضع اهتماماتنا على نحو عقلاني وموفق ، إذ تأتي الرياضة والصحة البدنية في موقع متقدم ضمن السلم الإنساني دون مزاحمة الواجبات الدينية أو التكاليف الاجتماعية .
لأن العقل السليم في الجسم السليم ، والعبادة المكثفة تحتاج إلى قوام صحيح وبدن متماسك ، وهذا لا يأتي بالاستغراق في المأكولات أو تجاهل برنامج رياضي وغذائي عبقري ومتوازن .
ولعل بعض المظاهر الاجتماعية السلبية تبرز في مثل هذه الليالي المباركة ، من قبيل الإسراف والتبذير وتجاهل الاحتياطات الغذائية الوقائية ، وهو انحراف عن مبادئ الصوم وغايات شهر رمضان الذي جاء لتخفيف الحمل على الأجسام وحماية الأبدان من شهوة الطعام والتوجه إلى الله بأرواح مقبلة وأجساد غير ذابلة .
ياتي شهر رمضان لتنقية نفوسنا من الشوائب التي علقت خلال العام ، ولأن الوسط الرياضي مجتمع تنافسي يقوم على المزاحمة والمراكمة ، فإنه أحوج ما يكون إلى مثل هذه الوقفة الإيمانية العميقة لتجديد الأرواح والتخلص من الأحقاد ومجانبة الأغلال وإعلان صفحة جديدة من التواصل الاجتماعي والتنافس الشريف ونبذ الفرقة والشحناء والبغضاء .
اكتبوا على صفحات نياتكم ، أن تصوموا هذا الشهر لله ، وتكفوا عن الشراب والطعام تعبداً له وتتوقفوا عن التباغض والتحاسد طلباً لوجهه الكريم وثوابه العظيم ، وكل عام وأنتم بألف خير .
تعليقات
إرسال تعليق