التخطي إلى المحتوى الرئيسي

شاب كفيف.. يتحدى أزمته بحفظ القرآن كاملاً وإمامة المصلين



القنفذة - عمر البدوي
الجمعة ١٢ يوليو ٢٠١٣

يتهادى الشاب شامي أحمد إدريس الفاهمي ببطء إلى مسجد القرية في زاوية الحي، فيهرع إليه أحد المارة لإكمال الطريق؛ إنه كفيف لا يستطيع متابعة الطريق من دون معين. ما يزال الوقت مبكراً على إقامة صلاة العشاء، وما أن يحين الوقت فترفع الإقامة، حتى يتقدم ذلك الشاب الكفيف بثقة إلى محراب المسجد، فينادي بتنظيم الصفوف، ثم يطلق تكبيرة الإحرام في الفضاء ويغرق في تلاوة مجودة وهادئة تطرب السامعين.
يحفظ الشاب شامي الفاهمي ذو الـ18 ربيعاً القرآن الكريم كاملاً، وهو يؤم المصلين منذ نعومة أظفاره في قرية الوداعة جنوبي حلي بمحافظة القنفذة. أتم حفظ القرآن صغيراً وذلك في عام 1432هـ، عقب التحاقه بحلقات التحفيظ منذ عام 1425هـ، متحدياً بذلك إعاقة البصر التي مني بها منذ ولادته، ويعيش جماعة المسجد خلال شهر رمضان المبارك فيضاً إيمانياً زاخراً خلف هذا الإمام الشاب.
نال الطالب الكفيف شامي أحمد الفاهمي الترتيب الثالث على مستوى المملكة في المسابقة الوزارية لحفظ القرآن الكريم كاملاً لعام 1434هـ، وحصل على جائزة النبوغ والتفوق العلمي في مدينة أبها العام الماضي، وحصل على المركز الثاني في مسابقة الأمير سلمان لحفظ القرآن الكريم على مستوى المملكة، وتقلد وسام نادي شباب الصفة الذهبي لتقدير الجهود، وحصل على عدد كبير من الجوائز التقديرية والتشجيعية.
عندما تجالس هذا الشاب تشعر بإحساس غريب، إذ يرتقي لديك الإحساس بقيمة الإنسان وقدرته الفذة على مغالبة التحديات والمعوقات لتحقيق أحلامه الكبرى، إلى جانب حسه الأخلاقي البالغ ولطفه الاجتماعي الذي يحتويك عند أول مصادفة تجمعكما، وهذا ما يُجمع عليه زملاء حلقته ممن يلتف حوله لمحادثته والاستئناس بكلامه ومغامراته.
شامي الفاهمي يعشق زيارة مدينة أبها لبرودة الأجواء ولطافة الهواء، وكثيراً ما يلبي والده تلك الرغبة لتحفيزه على تحقيق المزيد من الإنجازات والنجاحات، وكثيراً ما أبدى والده افتخاره واعتزازه بابنه.
ويحب حضور مباريات كرة الحواري التي تزخر بها ملاعب وادي حلي على امتداد العام، ورغم بصره الكفيف فإنه ينهمك في الاستماع إلى شرح المعلق ووصفه للإحاطة بتفاصيل المباراة وأحداثها.
عندما سئل عن أمنيته الكبيرة قال بصوت واثق يملؤه الإيمان بالله والاطمئنان إلى قدره: «أتمنى أن أكون من علماء الأمة الإسلامية، لأساعد الناس على الهداية ومعرفة طريق الحق»، ثم غاب في صمته وتأمله العميق.


الرابط : http://alhayat.com/Details/531831#null

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...