التخطي إلى المحتوى الرئيسي

في منتصف الشهر.. الحواشي ينطلق نحو «الختمة» السادسة!



خميس مشيط - عمر البدوي
الجمعة ٢٦ يوليو ٢٠١٣

انطلق الشيخ أحمد الحواشي ليلة أمس (السادس عشر) نحو الختمة السادسة للقرآن منذ انطلاق الشهر على أمل اختتامها بمرور ثلاثة إلى أربعة أيام، كما جرت عادة الشيخ الذي يؤم واحداً من أكبر جوامع مدينة خميس مشيط الجنوبية في وسط البلد.
أتمّ الشيخ الحواشي صلاة العشاء ليبدأ بعد برهة من الوقت الركعة الأولى من صلاة التراويح على رأس الساعة التاسعة مساءاً، ويقرأ سورة آل عمران كاملة في غضون خمس وأربعين دقيقة، ومثلها الركعة الثانية التي قرأ فيها سورة النساء كاملة، ولم يتجاوز خمساً وأربعين دقيقة كذلك. كان الشيخ الحواشي يقرأ بقراءة الحدر مع وضوح الآيات وتفحص المعاني وتكرار الآيات التي اختزنت تنبيه المؤمنين وتذكيرهم بالله، وربما كرر آيات التسبيح والاستغفار ما يتجاوز العشر مرّات، مع نحيب خافت يحفده صوت بكاء المأمومين الذي يهدر في المكان.
بمجرد انتهاء الركعتين الأولى من صلاة التراويح أخذ المصلون في تبادل أكواب القهوة والشاي وقوارير الماء واللبن والحليب وقطع من الكيك والخبز، شاركهم فيها الشيخ مع همهات التسبيح والتهليل التي يلتقطها مكبر الصوت، وذلك خلال عشر دقائق للاستراحة، يتولى توزيع ذلك مجموعة من المتطوعين والعاملين في المسجد.
تجري عادة الشيخ أن ينتهي من صلاة التراويح بعد دقائق من تجاوز الساعة الرابعة فجراً إذ لا يبقى على موعد السحور الذي يجري إعداده لحظتها في مؤخرة المسجد سوى دقائق معدودة، لينتقل المصلون إلى تناول السحور ثم يستعدون لصلاة فجر يوم جديد من أيام رمضان، ولا يلتزم الشيخ بوقت محدد بين كل ركعتين من التراويح، إذ قد تقصر أو تطول أحياناً بناء على تقدير الشيخ، وربما صلّى ركعتين من الساعة الحادية عشرة حتى الرابعة فجراً، يقضي فيهما عدداً كبيراً من أجزاء القرآن كما فعل في عاشر أيام الشهر.
يذكر أحد المصلين مواظب على الصلاة خلف الشيخ الحواشي أنه قام بسنة النبي الكريم في إحدى ليالي هذا الشهر الفائتة وصلى بسور «البقرة والنساء وآل عمران» في ركعة واحدة وعلى هذا النحو من ترتيب السور، تشبهاً بعمل الرسول صلى الله عليه وسلم كما ورد في الآثار، استغرقت الركعتان ما يزيد على الساعتين حينها.
خيام ملونة خفيفة الحمل والتنقل من القماش البلاستيكي الخفيف منصوبة قبالة الإمام، وعلى امتداد الخط الأمامي من المسجد تحتضن جموع المعتكفين منذ بداية الشهر، بينما تنتشر أكياس الملابس والأردية «البشوت» على جدران المسجد الجانبية، تعود لجمع يقارب المئة مصلٍّ اختاروا المقام في المسجد والانقطاع عن الدنيا، مستلهمين تجربة إمام المسجد الذي ضرب صورة من التعلق بالله والانقطاع للعبادة والزهد في الدنيا، كما تتراكم العشرات من كراتين الماء في مؤخرة المسجد لتأمين حاجات المصلين والزائرين، يتبنى توفيرها فاعلو الخير، وتنتصب ثلاجات التبريد الكهربائية التي تختزن عشرات عبوات العصير والحليب والألبان، لإغناء حاجة المصلين والمعتكفين، وتوفير ما يلزمهم للمكوث بارتياح واستقرار وصرف النظر عن الحاجة إلى الخروج، وتفويت مساحات الوقت التي لا يليق بها إلا مزيد من التعبد والتبتل إلى الله عز وجل.
خلال العشر الأخير من الشهر الكريم تتضاعف أعداد المعتكفين من جنسيات مختلفة، ومناطق متفاوتة من المملكة، لما امتاز به هذا المسجد من وجود هذا الإمام العظيم حسب ما أورد معتكف كبير السن يصلي التراويح خلف الإمام متوكئاً على عصاه الخشبية، يغالب بها عجزه وضعفه ممتنعاً عن الجلوس على كرسي بلاستيكي قرّبه أحد الشباب الذي يقوم على خدمة المصلين.
خارج المسجد نصبت خيمة ضخمة لاستقبال الصائمين وتفطيرهم بما لذ وطاب من المأكولات الدسمة والغنية، وقد يضطر أهل الخير إلى فرش جزء داخل المسجد لمحاولة استيعاب البقية الباقية ممن غصت بهم الخيمة، الأمر نفسه بالنسبة للسحور داخل المسجد الذي يتولى تأمينه مجموعة من العاملين المختصين بذلك، إذ لا يكاد يقترب موعده إلا وأصبح جاهزاً للراغبين، وربما استقبل المسجد من يرغب في الإفطار والسحور من الجاليات الآسيوية والأجنبية، دون التزامهم بالصلاة في المسجد كما ذكر بائع دهن العود الذي يجلس عند مدخل المسجد منذ وقت طويل.
في المسجد كما يتضح لكل زائر جديد يشعر بالحميمية التي تجمع المصلين، وشعورهم الظاهر بالارتياح في تنقلهم وتفاعلهم فيما بينهم، بمثابة عائلة واحدة زادها طول المكوث في المسجد ترابطاً وتعاضداً، كما يلاحظ الزائر مجموعة من كبار السن يتناوبون خدمة المصلين، ويستغلون فترات الاستراحة بين الركعات لتوزيع قوارير الماء وورق المناديل، تعلوهم شعرات بيض وتتخلل ذقونهم، فكان مما أضفى إلى عمق التواصل مهابة العمر، فضلاً عن صغار السن ممن يبادرون إلى ذلك برعاية آبائهم المعتكفين الذي يتنقلون بين الخيام المنصوبة لتوفير احتياجاتهم وتبادل الأحاديث.

اجتهاد لإتمام عشر ختمات بالمصلين!

انضم الشاب «أبو أنس» إلى المعتكفين في المسجد قبل أربعة أيام، لينقل إلينا بصورة ملهمة - بلهجته الجنوبية الصرفة - أيامه التعبدية المكثفة في هذا المسجد، ويستعرض لنا أهم العادات التعبدية والاجتماعية التي تجمعه برفقاء الاعتكاف في مسجد الشيخ أحمد الحواشي. يقول أبو أنس: «إن الشيخ الحواشي يجتهد لإتمام عشر ختمات خلال هذا الشهر، وهو يتجنب مخالطة المعتكفين والمصلين والحديث إليهم، وينقطع مطلقاً للعبادة والقراءة والذكر والصلاة، ولا نكاد نراه إلا لحظة الصلوات إذ يطل علينا من الباب الخشبي الأمامي ويرفع لنا السلام ثم يتوجه قبالة القبلة ويغرق في صلاته وعبادته وتبتله، ولا يلتفت إلى سواها».
ابن الشيخ عبد الرحيم أحمد الحواشي الشاب الذي يقترب عمره من العشرين ربيعاً ويلبس غترة بيضاء، يتولى رفع الأذان والإقامة ويتواصل بحب وارتياح مع جماعة المسجد، يصطف إلى جانب النخبة الأولى من المأمومين الذين يعقبون الشيخ ويرتب حاجات والده الذي لا يثقل مأوماً ولا ينشغل بطارئ مما انعكس على حضور أريحي للشيخ وارتياح المعتكفين في تنقلاتهم.
مسجد الشيخ الحواشي بعد تجديده اكتسى حلية خضراء مع إضاءة بيضاء نقية، وهو مسجد ممتد مسافة كبيرة ويستوعب بصورة تقديرية مئات المصلين، ويلتزم ما يقرب من صفين فارعين بالصلاة خلف الشيخ صلاة التراويح، ويشكل الشباب غالبية المصلين إلى جانب نفر من كبار السن ممن يحتاج إلى الجلوس لحظة القيام لأخذ قسط من الراحة، ليستعيد بعض نشاطه على امتداد الركعات الطويلة. يقع المسجد في منطقة مكتظة بالمحال التجارية ومراكز التسوق، وهي لا تهدأ لكثرة مرتاديها والنشاط الملفت فيها للتسوق والمتبضعين، عندما تتجول في الأسواق المجاورة للمسجد تجد جنسيات مختلفة، وتستقبلك روائح المطاعم ونداءات الباعة يخالطه صوت قراءة الشيخ الحواشي المتمهلة في صورة تجمع أبغض الأماكن إلى الله مع أحب البقاع إليه في لحظة واحدة
.


الروابط : 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...

ماذا يخطر في بالك ( 5 ) ؟

هنا أنقل بعضاً من منشوراتي على صفحتي في ( الفيس بوك ) . راجياً لكم النفع والفائدة  . ضعف التقدير يقود إلى سوء التقرير . .................. كلما كان واقعك ثرياً وغنياً ، بارت بضاعة خيالك الواهم . …………… إذا أحببت شيئاً ثم التقيت به بعد غياب فكأن الروح ردت إليك بعد غيبة الموت ، أو العقل عاد بعد جنون ، أو الذاكرة استفاقت بعد غيبة . كل الأشياء الرمادية تسترجع ألوانها الزاهية ، والروائح الزاكية تستجرّ عنفوانها ، والمشاعر اللذيذة تستعيد عافيتها . ما يفعله الشوق بك من ذهاب العقل وغيبة الذاكرة وموات الروح ، يفعل بك الوصل أضعافه من الفرح والطرب والنشوة . لقد جُبل هذا القلب على الإلف بما يحبه والتعلق به حتى يكون بمثابة الطاقة الموصولة بألياف الكهرباء ، أو الزيت الذي يقدح النور ، والجمر الذي يستفز أعواد البخور . وإذا غاب المحبوب واستبد بك الشوق انطفأ نور الوجه وضاقت النفس وذهب الفرح حتى يعرف ذلك في حدة طبعك وانغلاق عقلك وعبوس وجهك ، فإذا التقى المحبوبان والتأم القلب عادت المياه لمجاريها وشعشع الوجه واتسع الثغر وانفرجت الأسارير . سبحان من خلق . ……………… إذا كنت...