أيام قلائل ويستضيف العالم الإسلامي شهر رمضان المبارك ، محطة سنوية لتجديد منابع الإيمان الداخلي وإيقاظ مواطن الروح .
يقضي الإنسان طيلة العام وهو يلهث وراء مطالب الحياة وانشغالاتها المتشعبة ، ليهدأ رتم الدنيوية من حياته في هذا الجزء الزمني من السنة ، يلتقط المؤمن أنفاسه ويعيد ترتيب حياته على نحو عميق ومنسجم .
لرمضان معاني ثرية وغنية ، وليست صحة البدن واعتدال المزاج ورشاقة الروح إلا واحدة من الآثار المباشرة لعبادة الصوم الرمضانية ، وهذا يذكر بشمول هذا الدين وعمقه وكماله .
علاقة متينة تجمع بين الرياضة وصحة الجسم وتنظيم شؤون المعاش وبين هذا المشهد الإسلامي النبيل الذي ينتظم المجتمعات المسلمة في سلوك تعبدي عالمي يقوم بمهمة تدريبهم على نمط صحي وحضاري فضلاً عن آثاره الدينية ورضا الله وكسب الأجر والاقتداء بالنبي الكريم .
يتراجع الحضور الكروي تنظيماً ومسابقات لصالح الجوانب التعبدية الفردانية لهذا الوسط إلى جانب المعاني الاجتماعية التراحمية في وسائط الإعلام ، عملية تنشيط اجتماعية وتنظيمية على كافة الأصعدة ليعود الموسم بعد ذلك محملاً بالرغبة والحماس .
ثلاثون يوماً من العبادة المكثفة ، الصلاة والصوم والدعاء والتلاوة والقنوت والتهجد والصدقة والعفو والتسامح ، وكأنه رحلة عميقة لترقية النفوس وتوطينها على البر والإحسان والتآلف والصبر والتعاون ونبذ الخلاف والفرقة والغضب ومساوئ الصفات والأخلاق .
وكما أن الجسد يحتاج إلى حصص من التدريب والمران المكثف ، كذلك الروح تتعطش إلى فرص ذهبية مثل شهر رمضان المبارك لتطوير حاهزيتها الخلقية وتحسين لياقتها النفسية وتوسيع إمكانات الوجدانية .
رمضان فرصة حقيقية لتجديد صلتنا بالله ، وتعميق ارتباطنا بمجتمعنا المسلم ، ورفع فاعليتنا النفسية ، والتشبه بعظيم البشرية محمد عليه أفضل الصلاة والسلام .
تعليقات
إرسال تعليق