جدة - عمر البدوي
< لا يجد صالح بن محمد الشيحي أي طقوس استثنائية يمكن ممارستها خلال شهر رمضان سوى الصلاة في مسجد الحي القديم، ويجد الكاتب الصحافي المعروف نفسه مقلاً في متابعة التلفاز، الذي يحتل في المقابل جملة أوقات الصائم المحلي، وخلال متابعة حسابه على «سنابشات» وهو غير ماهر في استخدامه، تجده منشغلاً بالزيارات والندوات الثقافية الخفيفة خلال ليالي الشهر الفضيل.
في الحوار الرمضاني الخفيف، تستضيف «الحياة» الشيحي وتطارحه بعض الهموم والقضايا الاجتماعية والرمضانية، فإلى نص الحوار:
> هل تحن إلى ذكريات معينة في شهر رمضان الفضيل؟
- الحنين إلى الماضي وذكريات الماضي ليس مرتبطاً برمضان وحده، هذه أصبحت خصلة لدى كثيرين، أصبحت الحياة اليوم معقدة بشكل يفوق احتمال الناس في مجتمعات العالم الثالث تحديداً، وبات التعقيد ذا وتيرة متسارعة لا تمكن الإنسان من التقاط أنفاسه، وغلب التكلف على حياة الناس في كل شيء، وهناك من يظن أن البساطة تسلبه شيئاً من قيمته وهيبته، وأنهم كلما كانوا أكثر تكلفاً كانت أهميتهم كبيرة وهيبتهم أكبر.
> ما هي طقوسك اليومية في رمضان؟
- ليس هناك طقوس فعلية بالمعنى الدقيق، لكنني أحرص على أن أصلي في مسجد الحارة القديم، الذي أجد فيه ذكرى أناس كانوا بيننا، أجدهم في كل زوايا المسجد، لكنهم رحلوا وتركوا لنا ذكراهم الطيبة.
> هل تتذكر المرة الأولى التي صمت فيها؟
- نعم، كانت في المرحلة الابتدائية، وكنا صغاراً في السن لكن الأمر كان بالنسبة إلينا تحدياً كبيراً.
> من تفتقد على مائدة الإفطار؟
- أفتقد والدي رحمه الله.
> ما هو البرنامج التلفزيوني المرتبط بذاكرتك في رمضان؟
- أفتقد برنامجاً على مائدة الإفطار للشيخ علي الطنطاوي رحمه الله، إضافة إلى المسابقات الرمضانية الخاصة بالكبار.
> أريد منك دعوة ستة أفراد على وجبة الإفطار على سبيل الافتراض، فمن ستدعو؟
- ليس على سبيل الافتراض، بل دعوة حقيقية «الله يحييهم» محمد العريفي، وتركي الحمد، وعثمان الصيني، وخالد المطرفي، وقينان الغامدي، وعلي العطية.
> الإنتاج البرامجي في رمضان، كيف تجده؟
- أنا مقل من متابعة التلفزيون في شهر رمضان المبارك، ولا أدري لماذا يقتصر الإنتاج على هذا الشهر، ولذلك لا أستطيع الحكم بشكل دقيق هذه السنة، لكن السنوات الماضية الإنتاج ضخم والمضمون فارغ.
> مع وفاة بعض الصحافيين والفنانين تجد بعض رجال الدين يذكرون بما يعتبرونه سوءات شرعية لا تغتفر، كيف ترى ذلك؟
- الجنة والنار بيد الله وحده، يُدخل فيهما من يشاء، وليس هناك صكوك غفران توزع، ولا أؤيد مثل هذه الأحكام المتشنجة، وبخاصة أنها تصدر أحياناً ممن يتوسم الناس فيهم السماحة والصلاح.
> ما رأيك بظهور بعض نجوم الإعلام الجديد، وهل هو مؤشر على سطحية المتلقي أم عمق حاجته إلى البساطة والعفوية؟
- لا هذه ولا تلك، المسألة يحكمها غياب القدوة لا أكثر.
> هل فقد كاتب العمود الصحافي تأثيره وسحب نجوم الإعلام الجديد بساط الضوء من تحت قدميه؟
- كتاب العمود الصحافي في السعودية، والفقير إلى الله منهم، لهم نصيب لا يستهان به في الإعلام الجديد، أغلب مشاهير «تويتر» جاؤوا إليه من الصحف، بل هم السابقون إليه.
> البعض يرى أن طرح الإعلام الجديد أكثر جرأة، ولا تقليدية من تلك الأعمدة الصحافية التي بقيت في محلها، اللوم على السقف أم على الأقلام؟
- السقف واحد طالما كان الطرح بأسماء صريحة، أما الأسماء المستعارة فليست مقياساً للجرأة.
> يرى البعض في «تويتر» برلماناً شعبياً في السعودية، لماذا يتمتع بهذه المكانة الأثيرة، وماذا عن مجلس الشورى مثلاً؟
- بالمناسبة أعتقد أنني أول من أطلق عليه برلمان السعوديين، وحظي بهذه المكانة لأن الإنسان بات يملك قرار النشر والرد والسؤال، ولم يعد الأمر بحاجة إلى رئيس تحرير يمرر ويمنع، لكن بكل موضوعية لا أرى مجالاً للمقارنة بيـــن «تويتـر» ومجلـــــــــــس الشورى.
> هل يستفزك نموذج التاجر الاستعراضي؟
- السنة الأخيرة، وخصوصاً لكثرة الاستفزازات التي ظهرت على السطح، لم يعد يستفزني شيء.
> البعض يعتقد أنك قد تكون جريئاً وصادماً، ولكنك تتحفظ أحياناً ولا تهاجم كل الخطوط الحمراء بالدرجة نفسها من الحماسة؟
- من واقع تجربة طويلة أعتقد أن الكاتب الذي لا يستوعب الهامش المتاح ضرره على الهامش أكثر من نفعه.
> رؤية المملكة 2030، إلى أي مدى باستطاعتها حلحلة الإشكالات الحكومية والاجتماعية، التي تناولتها بغزارة واستفاضة من خلال عملك الصحافي؟
- هذا يخضع لأمر مهم، هل ستصبح «الرؤية» عملاً مؤسسياً، تتكاتف لأجله جميع مكونات وشرائح المجتمع، أم ستبقى في إطار مبادرة ولي ولي العهد الأمير الشاب محمد بن سلمان، لأن اليد الواحدة لا تصفق يا عزيزي.
> البعض يعتقد أن التيار الليبرالي لا يعبر عن واقع المجتمع وآماله، ويتهم بالسيطرة على الإعلام لمعادلة الصوت المرتفع للإسلاميين في وجدان المجتمع، هل من أمل في تفكيك هذا الاشتباك؟
- لا يوجد تيار ليبرالي في السعودية بالمعنى الحقيقي لليبرالية، ولا يوجد ليبراليون، أغلب الموجودين إما حالمون، أو مجموعة «دشير» شوهوا المعنى الحقيقي لليبرالية التي تقوم على العقد الاجتماعي بين الحاكم والمحكوم، وتسعى لحفظ حقوق الإنسان، وحريته وحقه في الاختيار، وغير ذلك من القيم الموجودة في شريعتنا الإسلامية، وهذا ليس رأيي على أي حال، بل قال به مفكرون كبار وكتاب مخضرمون، مثل الدكتور عبدالله الغذامي، الذي قال أكثر من ذلك، حينما وصف أدعياء الليبرالية بأنهم (لا يؤمنون إلا بحريتهم فقط، ولا يحملون خطاباً سياسياً، ويمارسون تزييف الوعي، ويرتكبون فضائح في تصرفاتهم).
وليس انتهاء بالأستاذ إبراهيم البليهي الذي أنكر صراحة وجود ليبرالية في الوطن العربي كله، لأن البيئة العربية «ليست مهيأة ولا مفتوحة لهذا المفهوم» على حد قوله، مروراً بالدكتور تركي الحمد الذي قالها بشكل صريح لا يقبل التأويل «كل المصنفين تحت مظلة الليبرالية في السعودية ليسوا ليبراليين».
> رسائل موجهة لكل من هيئة النزاهة والهيئة العامة للترفيه؟
- أقول لهم «سلم علي بعينك.. إن كان بخلت يدينك»، والرقيب في زمن «تويتر» لا رقيب، و«الميدان يا حميدان».
-أما الهيئة العامة للترفيه، قلت قبل تأسيسها بأسبوع إما أن نمنح الناس مساحات أكبر للترفيه والأنس والمتعة البريئة، أو نبني مزيداً من مستشفيات الصحة النفسية.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق