التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجاليات المسلمة فسيفساء تنشد الفرحة في «عالم الاغتراب»


جدة - عمر البدوي 

ساعد الوجود المليوني للجاليات العربية والمسلمة داخل السعودية، على التخفيف من وطأة الغربة عليهم. وجاء موسم العيد لإذابة ما تبقّى من تلك المشاعر، إذ تجمعهم المناسبة ببقية أبناء البلد الذي استوطنوه بغرض العمل وطلب الرزق.
فمنذ أداء صلاة العيد في الصباح الأول من أيامه، يبدأ المسلمون على اختلاف جنسياتهم في تبادل التهاني والمعايدة والفرح بتمام شهر الصيام، ويتعانقون في محل صلاتهم، ويتناولون وجبات الإفطار في المصلى الذي يشترك الأهالي في تجهيزه، وربما شاركهم في ذلك بعض الجاليات العربية ممن اعتاد أفرادها مثل هذه الألفة والحميمية كالسودانيين خصوصاً.
تشارك جاليات، ولاسيما العائلات في تبادل الزيارات في ما بينها ومع بقية أهالي الحي من السعوديين للتهنئة بالعيد. ويساعد تشابه عادات المسلمين في البلدان العربية والإسلامية في تجسير هوة الغربة، وسدّ فجوة البعد من الديار، فيما تجهد جاليات في خلق أجواء خاصة تمتاز بتقاليدها الشعبية، بحثاً عن وطن شعوري في بلد الغربة ولقمة العيش. ويتجسّد ذلك بدءاً من ارتداء كسوة جديدة وزي وطني رسمي بحسب البلاد التي تنتمي إليها، ثم تقديم أنواع الهدايا والأكلات بطريقتها المعتادة في بلادها، إذ يشكل العيد بالنسبة إليها محطة دينية وروحية مهمة.
وتحاول جاليات تتمتع بتنظيم جيد داخل المدن السعودية وعلاقات اجتماعية وثيقة في ما بينها، توفير مظلة واحدة لتجمّع واسع يمكّنها من الالتقاء وتنظيم فعاليات اجتماعية مخصصة لها وفق أعرافها المحلية، يشاركها فيها مدعوون من أبناء الحي ووجوه المجتمع الرسمية والشعبية. وقد يتضمّن يومهم برنامجاً ثقافياً ورياضياً وتراثياً ترفيهياً مع برامج للأطفال، تقدّم خلالها عروض مبهجة ومضحكة تبعث الفرح في قلوب المعيّدين.
وربما شاركت جاليات في احتفالات المدن الكبرى برقصاتها الشعبية الشهيرة، أو بعض تقاليدها التي تضفي على أمسيات العيد طابعاً أكثر حميمية وعمومية للمسلمين جميعاً.
وتساعد الحدائق العامة والمتنزهات المفتوحة المتوافرة في المدن السعودية في إظهار جانب من ملامح العيد لدى الجاليات، وقد تلمس قيمة الاجتماع في الجاليات العربية وفقاً لطباعها الأصلية أو كثرة وجودها في المملكة، فيما تمتاز بقية الجاليات المسلمة وغير العربية بالطابع الأسري المحدود، من دون حاجة إلى اجتماع العائلات مع بعضها خلال أيام العيد إلا في ما ندر.
من جهة أخرى، يحاول بعض الفرق التطوعية التخفيف من حدة الغربة لدى الجاليات المسلمة عند حلول العيد، فتنظم فعاليات لزيارتهم في المنازل أو محال عملهم وتقديم الهدايا والحلوى بهذه المناسبة. ولعل أكثر ما يسعد به الأجانب من هدايا المتطوعين هي بطاقات الهاتف المدفوع، التي تقدّم لهم بقصد تمكينهم من الاتصال بأهاليهم ومبادلتهم التهاني بالعيد، وهي البادرة التي تلقي بأثرها الإيجابي على نفوس الجميع.
فيما يمتاز بعض الأحياء والبلدات السعودية بطابع أكثر حميمية مع الجاليات التي تسكن بين ظهرانيها، إذ تزوّدهم ببعض أطباق الطعام من الوجبات الشعبية، بقصد إشراكهم في فرحة العيد،
بالصلة كجيران منذ عقود جمعتهم المناسبات السعيدة مرات، فضلاً عن رباط الدين واللغة والمشاعر الإنسانية الواحدة.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...