التخطي إلى المحتوى الرئيسي

آثار «الفجيعة» تكسو عزاء عائلة المالكي بشرائع مكة


مكة المكرمة - عمر البدوي 

< في مخطط ١١ بشرائع مكة، استقبلت عائلة ضحية تفجيرات مطار أتاتورك الدولي في إسطنبول جموع المعزين، بعد دفن فقيديهم طاهر المالكي وأكبر أبنائه «مسفر»، الذي قضى معه في الانفجار الذي وقع الثلثاء الماضي، بينما تكابد زوجته «هيفاء» المرض في مستشفيات تركيا، إذ يرافقها شقيقها هناك بعد استفاقتها من الغيبوبة واستئصال إحدى كليتيها المتضررة من جراء الانفجار.
في حين يخضع جواد وبتال للتخدير الكامل بتدخل طبي، تفادياً للآثار الجسيمة التي وقعت عليهما من الانفجار، فيما عادت البنت الوحيدة للعائلة «ريناد» برفقة جثماني والدها وشقيقها الأكبر، إذ كانت أخفهم ضرراً وأقدر على العودة إلى الديار.
وتحكي ريناد بصعوبة قصة اللحظات الأخيرة للموقف المروع، الذي كان آخر ما جمعها بوالدها، وأن كل ما تتذكره سماع أحد الأشخاص يقول لهم اركضوا! وفوراً حاولت ريناد الهرب، وأغمي عليها، ونقلت إلى المستشفى، وحالها مستقرة الآن بعد عودتها إلى مكة المكرمة.
يذكر أقارب الضحايا أن الانفجار وقع عند مواقف السيارات بعد الانتهاء من إجراءات الوصول، وبينما يقف طاهر وعائلته في انتظار سيارة الأجرة لتقلهم إلى محل سكنهم بدد الانفجار أحلام رحلتهم لمناسبة العيد، وانقض على الأجساد النحيلة التي التفت حول والدها الفقيد.
آخر ما جمع الفقيد طاهر بعائلته في مكة هو الاتصال بينه وبين شقيقه خالد عند منطقة الأمتعة، ليبشره بالوصول إلى الأراضي التركية بسلام، قبل أن يتناولهم جسد غادر مدجج بحزام ناسف أودى بطاهر وابنه الأقرب إلى قلبه مسفر، (وهو من ذوي الاحتياجات الخاصة)، إذ إنه يضع صورته في حسابه الخاص في «تويتر» ويتمنى من الله أن يمن على ابنه بالشفاء، قبل أن يجمعهما موعد مع الإرهاب الأعمى.
كانت العائلة تخطط لأولى رحلاتها، لمناسبة حلول العيد، بعد إنجاز الحجوز منذ شهرين، لقضاء أكثر من 20 يوماً بين مدن تركيا، بدءاً بإسطنبول، وهم في غاية التحمس، ولكن غدر الإرهاب لم يمهلهم أكثر من سويعات ضمت خطواتهم الأولى على الأراضي التركية قبل أن يعود الحظ العاثر بجثامينهم إلى مسقط رأسهم مكة المكرمة.
هنا يبدو الخطب أكثر وقعاً وأسى، فبعد وصول جثمان طاهر المالكي وابنه مسفر إلى جدة، صلي عليه أول من أمس في المسجد الحرام، في حضور أقاربه ومدير تعليم منطقة مكة، إذ يعمل الفقيد مرشداً طلابياً في إحدى مدارس المنطقة، ثم شيعه المصلون وابنه، ليدفن في مقبرة المعلاة بجوار المسجد الحرام، وسط تأثير الصدمة والفجيعة بخسارتهما. في حين يعيش الصدمة ذاتها زملاء المالكي، البالغ من العمر 48 عاماً، في مدرسة قتادة بن النعمان الابتدائية بمكة المكرمة، فجميعهم يشهدون له بالخلق الرفيع والحرص على أداء عمل، وبمحبة زملائه وأبنائه الطلاب له. فيما قدم مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة خالد الفيصل، في اتصال هاتفي أمس (السبت)، واجب العزاء، لذوي الشهيد طاهر مسفر المالكي.
وسأل الله عز وجل، الرحمة للفقيدين، ولذويهم الصبر والسلوان، والشفاء العاجل للمصابين من أسرة المالكي.
من جانبها، قدمت أسرة المالكي الشكر للأمير خالد الفيصل على مواساته في مصابهم، ووصفوها بـ«غير المستغربة» من قادة هذا البلد.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...