جدة - عمر البدوي
< أعمق ما في العيد، مثل سواه من المواسم الدينية والاجتماعية، هي الوحدة الشعورية، التي يشترك فيها كل المحيطين بك، إذ تجد فيها متعة وأنساً ينعكسان على مشاعرك وسلوكك وأنت تشارك في مناسبات العيد وتبادل التهاني والفرح المشترك، وهو الشعور الذي يكاد يضيق وربما ينعدم لدى الطلاب المبتعثين عند حلول العيد في ظل غربتهم، لولا تنظيم بعض النشاطات الاجتماعية المكافئة في محاولة للشعور بالمناسبة والفرح بها عند ختام شهر كامل من الصيام والدراسة.
وفي الوقت الذي يتزامن فيه العيد مع الإجازة الرسمية لبلدانهم الأصلية، يواصل الطلاب المبتعثون فصول دراستهم من دون انقطاع، وتمضي بهم المناسبات الدينية والاجتماعية بقليل من الإحساس بها والاتصال بمعانيها.
غير أن العيد أحياناً فرصة ثمينة لتعزيز قيمه في النفوس لدى المبتعثين، إذ يجدون عبره سلوة أمام مشاعر الغربة في بلدان الابتعاث، ومساحة للالتقاء ببقية مواطنيهم هناك، فضلاً عن الاجتماع بعموم المسلمين ومبادلتهم التهاني والفرح ببلوغ عيد الفطر.
فيما يبادر بعض المبتعثين لاغتنام العيد للعودة إلى عاداتهم الاجتماعية التقليدية في بلد الغربة والابتعاث، سواء من طريق لبس الزي الوطني بمشاركة زملائهم أو تناول الوجبات الشعبية التي انقطعت عنهم لظروف البعد والسفر، ولتعويض ذلك يحاول بعض الشباب طهي تلك الوجبات عبر استقدام الوصفات من أهاليهم مباشرة في الوطن أو الاستعاضة ببعض العوائل الموجودة في بلدان الغربة، إذ يجتمعون بمناسبة العيد لمزاحمة مشاعر البعد عن الديار، وقد يكون العيد فرصة لاكتشاف بعض الوجبات التي يزخر بها التراث الوطني وغابت عنهم لتنائي المسافات قبل أن تقلصها الغربة.
حسن راشد الطالب الذي أتمّ لتوه الحصول على درجة الماجستير في أميركا، ويستعد للمرحلة المقبلة، يجد في العيد ملتقى ليتصل بلغته العربية الأم ولهجات الوطن المتعددة، ويشعر بقيمة ذلك أكثر عندما يصطحب أبناءه الذين يغيبون لفترات طويلة عن مسقط رأسهم ويرافقون والديهم حتى إتمام دراسته هناك، ولا يفوته أن يذكرهم بقيم التراحم والتواصل عبر مناسبات العيد وسواها لتمكين ابنيه من الانسجام مع الأعراف الاجتماعية المتماسكة.
من جهتها، تنظم بعض سفارات البلدان العربية والخليجية هناك فعاليات بمناسبة العيد، فضلاً عن توفير مصليات مناسبة للصلاة والاستماع إلى خطبتي العيد، وتذكر عبر هذه المناسبة بالدور المنوط على الطلاب المبتعثين والدور العلمي والمعرفي الذي ينتظره منهم الوطن والمجتمع سواء بعد عودتهم إليه أو خلال وجودهم لأغراض الدراسة والإسهام في خلق انطباع إيجابي وصورة مضيئة للفرد العربي والمسلم في ظل ما يواجهه ذينك المعنيين من تشويه وتزييف تتولى كبره الآلة اليمينية المتطرفة في الغرب، ومعادلها من متشددي الجماعات المقاتلة، ما ألقى بظلاله القاتمة على الإسلام والمسلمين في كل مكان، ويجد المبتعثون في العيد مساحة كافية لبث الفرح والتسامح وتثمين الحياة.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق