التخطي إلى المحتوى الرئيسي

آردوغان الفكرة والمشروع في مواجهة الرفض



قرار مصيري اتخذته كل من الرياض وأبو ظبي وأبدت استعدادهما لتحمل تكاليفه وأعبائه ، تقابله التصريحات الموتورة التي لا يتوقف الرئيس التركي من إطلاقها كل مرة في وجه العواصم العربية التي ترفض عبثه بالمنطقة وجرأته على اللعب السافر والمكشوف فوق أوجاع العرب.

وتتكفل المنصات والمنابر الإعلامية الممولة قطرياً ببث تصريحاته والدعاية لها والترويج لمضامينها ، دون أن تأبه أو تراعي أي التزام أخلاقي أو ارتباط تاريخي لشعبها المغلوب على أمره مع محيطه العربي.

يسجل أردوغان الفكرة والمشروع خسارات متتالية منذ اختار أن يكون ضداً لكل ما هو عربي ، نقمة داخلية نتيجة التبعات غير المحسوبة لسياساته على الداخل ، وغضب شعبي عريض في العالم العربي بعد انكشاف أغراضه غير النزيهة ، وانهيار قاسي للظهير الدعائي والدوغمائي الذي رافق مسيرته وتمثّل في تكتلات الإخوان المسلمين المنتشرة في بيئاتها المحلية ومنابرها الدولية ، كل ذلك أصبح مخصوماً من رصيد أردوغان في الواقع الراهن ، ولم يبقى بيده إلا تصريحات الانزعاج والتأليب والهجوم السافر على مجموعة العواصم العربية التي نبذت مشروعه وحفظت المنطقة من جحيم الشعارات التي حقن بها الشعوب المسلمة.

في حال لم يتوقف أردوغان عن نيته المضي في مشروعه الخاسر ، وهو المتوقع حسب تاريخه الشخصي وزخم العناد والمكابرة فيه ، فإن الحال سيؤول به إلى ما تكابده إيران اليوم من الغرق في المشاكل المحلية حتى الرأس ، وانتشار الإحباط في المجتمع الداخلي الذي يؤذن بانفجار الأوضاع .

سيكون على أردوغان الفكرة والمشروع أن يستعد لمزيد من هذه الخسارات وبالتالي المزيد من تصريحات الانزعاج ، لأن مشروعه يمثل نبتة غريبة وشاذة وسط حقل يحاول أن يتجاوز عيوبه ونقائضه وينهض بمستقبله الواعد ويتخلص من كل ما يعكر صفوه ونهضته من المشاريع الأيديلوجية الفاسدة والأفكار المتشددة التي ترتهن لأجندة خارجية وتنتمي إلى غير محيطها العربي الوادع والراغب في نيل حقه الطبيعي من النهضة والتنمية والحداثة.





الرابط : 


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...