التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كورونا ليس كافيا لإسكات بنادق الحوثيين

محاولة جديدة لتشتيت الواقع اليمني ورهنه بالحسابات الإقليمية من قبل الجماعة الحوثية، دون أبسط مراعاة لوجع اليمنيين ومشقة الحرب التي تسببت بها منذ سنوات.

الاثنين 2020/03/30

كنوع من التخادم فرضته الأهداف المشتركة أو المرجعية الواحدة التي تنظم عملهما، عرضت جماعة الحوثيين عملية تبادل أسرى مع التحالف العربي مقابل إفراج الرياض عن عناصر لحركة حماس.

تبدو المبادرة مجرد استعراض إعلامي تحاول الجماعة أن تكسب به نقاطا معنوية على نحو ما يفعل رُعاتهم في طهران، لكنها تكشف في عمقها نوعا من الاشتباك الاستراتيجي بين خندق يمني وآخر فلسطيني يتشاركان المعسكر نفسه الذي ينتمي لإيران، ويخدم أجندتها وينخرط في أدوارها التقويضية لاستقرار المنطقة وأمنها الإقليمي، لاسيما وأن المنصات الإعلامية والدعائية التي تنطلق من الدوحة أو إسطنبول تعاطت مع الخبر على أساس الخصومة التقليدية التي تتخذها تجاه المملكة العربية السعودية، وبذلك يكتمل مشهد التخادم وإطار الصورة التي تجمعهم في معسكر واحد.

وفي يناير من العام الجاري شارك عضو المكتب السياسي لحركة حماس محمود الزهار عبر دائرة تلفزيونية مباشرة في المسيرة الجماهيرية التي نظمتها جماعة الحوثيين في شارع المطار بصنعاء، وألقى كلمات مفخخة بالإساءات والإشارات السلبية نحو دول الخليج، فيما كانت تردد الحشود شعارات الحوثيين التقليدية ضد الرياض وأبوظبي وبقية عواصم الاستقرار.

محاولة جديدة لتشتيت الواقع اليمني ورهنه بالحسابات الإقليمية من قبل الجماعة الحوثية، دون أبسط مراعاة لوجع اليمنيين ومشقة الحرب التي تسببت بها منذ خمس سنوات أو أكثر، وانضمت إلى بقية المآسي الحادة التي تحدق باليمنيين، جائحة كورونا التي تواجه نظاما صحيّا هشّا ومتخلّفا في البلاد.

وربّ ضارّة نافعة، كان لهذا المثل أن ينطبق على علاقة كورونا وتهديده للشعب اليمني، بعد أن كشفت تقارير إعلامية عن مشاورات غير مباشرة تقودها الأمم المتحدة عن طريق مبعوثها الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، بين الحكومة اليمنية والحوثيين للتوصل لاتفاق شامل لوقف إطلاق النار في اليمن، لتوحيد كافة الجهود لمواجهة جائحة كورونا.

الأمر الذي رحب به التحالف العربي على لسان ناطقه الرسمي تركي المالكي، لكن الثقة المهزوزة بالتزام الحوثيين أو برغبتهم الجادة في رفع أعباء الحرب ومخاطر التهديد الفايروسي عن كاهل اليمنيين يهدد كل المبادرات الإيجابية التي تخفف من وطأة الحرب وتجهّز البلاد للتخفيف من مخاطر الجائحة المتوقعة.

وكان الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبوالغيط قد أطلق قبل ذلك بأيام، مبادرة “إسكات المدافع” ووقف الصراع بمناطق النزاع على كافة الجبهات العربية المشتعلة، في سوريا واليمن وليبيا، وسط تفشي جائحة كورونا، واعتبر أن أيّ خلاف في الوقت الراهن يعدّ نوعا من العبث.

لكن ما يشهده اليمن من تصعيد عسكري ملحوظ مقارنة بالأشهر الماضية، يبدّد أيّ بوادر لتوقف الحوثيين أو نوايا لديهم للتخفيف من اندفاعهم في تحقيق مكاسب على حساب أوجاع الشعب اليمني المغلوب.

وقد ظهر زعيم الجماعة الحوثية في كلمة له بثت مؤخرا ليؤكد ذلك وهو يتوعد بسنة سادسة جديدة من الحرب والتشبث بالانقلاب، وزعم أن جماعته باتت تصنع كل أصناف الأسلحة وأن السنة الجديدة ستحمل “مفاجآت لم تكن في حسبان تحالف دعم الشرعية وبقدرات عسكرية متطورة وانتصارات عظيمة”.

ولضمان نسف كل الجهود الأممية والإنسانية، أطلقت عناصر الميليشيا الحوثية صباح الجمعة الماضي طائرة مسيّرة (دون طيار) باتجاه المملكة قبل أن تتمكّن قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن من اعتراضها وإسقاطها.

الأمر الذي أكده السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر وبأن اليمنيين كانوا يأملون بأن تتعقل جماعة الحوثي، ومرة تلو أخرى كانت المبادرات تُوقّع والعهود تُمضى وآخرها اتفاق السلم والشراكة، إلا أن الحوثي حاصر الرئيس، واختطف الدولة وغزا تعز وعدن، لكن الحوثي لن يستطيع التغرير بأبناء اليمن بخطابات فارغة تؤكد ولعه بالأكاذيب، ولن يستطيع طمس جرائمه ونكثه للعهود والمواثيق، وأن الانقلاب هو أصل المشكلة، ونهايته مفتاح الحل في اليمن.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...