التخطي إلى المحتوى الرئيسي

كيف تكتب مقالًا خبريّا؟

يحتفظ "المقال" بحضوره في الواقع الإعلاميّ، بوصفه قالبًا رشيقًا ومستوعبًا لكل أشكال الأطروحات، وتقديمها بطريقة مباشرة وممتعة في آن، وذلك على الرغم من تعدد الوسائط وأشكال نقل المعلومات، من
ناحية صياغتها أو الممكنات التقنية التي أضافت لها الإشباع البصريّ والحيوية.

يمتاز "المقال" بالسهولة، بحيث تكون قراءته متاحة للجميع، وعلى الرغم من أن الرأي الشخصيّ للكاتب، وتأثيره، يطغيان عليه أحيانًا، لكن لا ينبغي أن يخلو من المعلومات الدقيقة، التي يتم تقديمها بطريقة سلسة ومبسطة، ويفتت صخور الدراسات التخصّصيّة، والمخرجات العلميّة إلى كبسولات صغيرة يستساغ
هضمها والإحاطة بها.

يقوم "المقال" بما يشبه دور الوسيط، بين المتخصّص الذي ينكبّ على الدراسات المتعمّقة، ويقضي الساعات على التهام المواد شديدة التعقيد، وبين القارئ العام الذي ينشد الخلاصة وثمرة الطرح المتوسع في تخصّص ما، ولعل هذه السهولة والتبسيط واليُسر في صميم وظائف المقال وصفاته، هي أكثر ما ساعد على
بقائه متداولًا وقائمًا بدوره في واقع الناس حتى اليوم.

لكن لا يصحّ أن يطغى التبسيط عليه إلى درجة التسطيح، إذ تسقط قيمة المقال إذا لم يأتِ بجديد، ولم يكافئ وقت القارئ بنتيجة ترضيه وتضيف إليه، أو سوّد المعلومات المتزاحمة بلا ضابط ولا ناظم، أو تحميله فوق طاقته من الموقف الشخصيّ والرأي الخاص، حتى يفقد موضوعيّته واتزانه، ولكن يجمع في
باقة المقال قطافًا من كل الحقول والبساتين، حتى يغدو نص المقال ثريًا دون تعقيد، ومفيدًا دون تقييد.

كيف تكتب المقال الخبري؟
تتعدد أنواع المقال من جهة: شكله، ونوعه، ومن أبرزها "المقال الخبريّ" وهو المهتم بتقديم المعلومات بطريقة دقيقة وسهلة في آن معاً، بحيث يجمع بين رشاقة الأسلوب المقاليّ في سرده السلس، وبين
الخبر في: دقّته، وحياده، ونزوعه إلى الصرامة.

وفيما يلي نتعرف بعض المهارات اللازمة لكتابة المقال - عمومًا - باحترافية، مع مراعاة الشكل الإخباري منه:

-أحسن الاختيار
يفترض بالمقال أن يراعي حاجات الجمهور القارئ، بالإجابة عن أسئلته الملحّة، إزاء موضوع ما أكثر مواكبة وملامسة لاهتمام القارئ، يتناوله المقال ويتعاطي مع مستجداته، للخروج بنتيجة مفيدة ينتفع بها
القارئ، وترضي نهمه، لمعرفة الموضوع المطروح، والإلمام بتفاصيله.


-اتكئ على الحقائق والمعلومات
يشبه المقال الخبري، صنوه الخبر، في تقديم المعلومة الأقرب للصواب بعد تحرّي المصادر، والمقابلة بين الأطروحات، ورفع الأسلاك الشائكة، لتيسير فهمه واستيعابه، ويحصل ذلك بالاستزادة المسبقة قبل كتابة المقال، والإحاطة بجوانب الموضوع، والاطلاع على الأطروحات السابقة في سياقه، وهندسة مقاربة
موضوعية معتدلة، تثري المقال، ويفيد منها القارئ، وترفع من قيمة العمل وجودته.

-لا تتخلى عن السلاسة والدقة
بصرامة أقل من حدّة الخبر، يُكتب المقال بانسيابيّة عالية، تحوّل الموضوع الجاد والصلد إلى وجبة سائغة، دون أن يتخلى الكاتب عن: الدقّة، وصحة العبارة، وسلامة اللغة، ودون أن يطغى الموقف الشخصي، إذ
ينبغي أن يصنع المقال الخبري بدقة متناهية، لضمان جودته، وسلامة المعلومة من العلل المحتملة.

-اكتب وكأنك تتحدث إلى نفسك
تعامل وكأنك تلبي نداء شغفك وإرضاء فضولك، وبصدد البحث عن موضوع ما لفهمه والتعرف عليه، اجعل لغتك إنسانيّة خالصةً في طرحها، فالجمهور متعطش ليقترب من حِمى الموضوعات التخصّصية، والمقالات تساعد في مد جسور المعرفة بين القطاعات المختلفة، وهي مفتاح القلوب والأذهان إلى أبواب
العلم الأكثر تخصّصية.

-الخاتمة وداع لائق
المقال خبري مهتم بعرض تفاصيل وحقائق عن الخبر، ويجيب عن الأسئلة المطروحة، والتحليل الخبري الذي يحاول البحث فيما وراء الخبر من خلال معالجة تحليلية تعتمد على أدوات معرفية كثيرة حسب
الموضوع المتناول.
اكتب في الخاتمة خلاصة جهدك في تناول الموضوع، واجعل آخر عهدك بالقارئ سخيًّا في شكل نهاية
مُرضيّة، واكتب له ثمرة اشتغالك على جميع الحقائق وما تعتقد أنه الأكثر صوابًا وتمامًا في الموضوع.

الكاتب: فريق ذات

 

نشر بتاريخ: 2020-06-16




الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...