التخطي إلى المحتوى الرئيسي

يبدو أن الخليج تغيّر فعلاً

لم تكف قطر عن تأجير أجهزتها الإعلامية وتوظيف أموالها في دعم انغماس الضيف التركي الثقيل والعبث الإيراني في أجزاء متفرقة من الجسد العربي وكان آخرها في ليبيا.
الثلاثاء 2020/06/09

في الذكرى الثالثة للأزمة الخليجية، قال وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية، أنور قرقاش، إن “الخليج تغير ولا يمكن أن يعود إلى ما كان عليه”، مؤكدًا في تغريدة له على تويتر أن “المسارات افترقت”.

تغيّر الخليج، بعد خفض انبعاثات السلوك القطري السلبي في أجوائه، بزيادة تركيز مجتمعاته وسلطاته على بناء المستقبل، وتحصينه من الاستغراق في المنظومات الأيديولوجية التي طالما استنزفت قدراته الوجدانية وثرواته المالية، تغيّر الخليج بقطع الطريق على سنوات التردد في معالجة ومباشرة الملفات المؤجلة، واحتلت قضاياه المصيرية أولوية اهتماماته، لا شيء يعلو على صون محيطه الإقليمي، ومواجهة المشاريع المخاتلة في ملعبه المجاور، من طهران أو أنقرة أو الدوحة، بجدار من المقاومة المنيعة وحصن المقاطعة الأمين.

في المقابل، تواصل الدوحة ضلالها القديم، تراهن على ماكينتها الإعلامية وضوضائها الدعائية، لحماية مكتسباتها المتآكلة منذ سنوات الإمهال، تروّج لصلابتها واستعدادها للصمود طويلاً، فيما تسافر كوادرها الدبلوماسية لطرق أبواب العالم، بحثاً عمّن يتذكّر أزمتها ويهتم لأمرها.

تزيد الملفات العربية، من افتراق الدوحة عن جيرانها في الخليج وعن محيطها العربي، فهي لم تكف عن تأجير أجهزتها الإعلامية وتوظيف أموالها في دعم انغماس الضيف التركي الثقيل والعبث الإيراني في أجزاء متفرقة من الجسد العربي، وكان آخرها في ليبيا، لتزيد من حدة الاقتتال فيها، وترهن ليبيا ومواردها النفطية لمشاريع أنقرة، وتحرم الليبيين من حقهم في إدارة شؤون بلادهم، وتحولهم إلى ترس في آلة جباية المكاسب لإمبراطورية أردوغان المتوهمة.

وجاءت التسجيلات الأخيرة لحكام قطريين، لتؤكد ما هو واضح ومثبت بالنسبة إلى دول الرباعي العربي، من أن قطر ساهمت في تبديد استقرار المنطقة، وخلق الفوضى واستقطاب الخراب ليعم عواصم عربية، مستغلة ضعف هذه الدول ووجع شعوبها لغرز مشروع الثورات المنفلتة والآيلة إلى الخراب.

اليوم تغيّر الخليج، وتوقفت الفوضى التي كانت تتسرب إلى البيت الخليجي عبر بوابة قطر المخاتلة؛ وتعاني الدوحة الآن من قائمة تزيد ولا تنقص من التحديات الخانقة، فالضغط الاقتصادي الذي شكله فايروس كورونا جاءت تأثيراته مضاعفة، نتيجة لما كانت تواجهه من انفصال عن واقعها، وبسبب فاتورة المواجهة السافرة مع جيرانها، الأمر الذي جعلها تتخبط في قراراتها وغرقت في دائرة من المشاكل التي تولد فشلا تلو آخر.

تراجع الاهتمام بأزمتها، أكد لقطر أن الإثارة الإعلامية لم تعد كافية لاستقطاب الانتباه وإثارة حنق العالم والمجتمع العربي على الرباعي العربي، فلوّحت بشكل خافت بنية الانسحاب من مجلس التعاون الخليجي، معبرة عن ضيقها بالواقع الذي تعانيه جراء المقاطعة ونهاية أوراق الضغط والتحايل والالتفاف التي كانت تلوحها في وجه العواصم العربية، إلا أن تلويحها ذهب أدراج الرياح، ولم يحرك في ملف أزمتها ساكنا.

فضلاً عن تراجع ثقة الجمهور العربي بمنصاتها الإعلامية، التي طالما اتخذت منها الدوحة خط دفاع أول، بعد أن تشابكت الأجندة؛ فهي من جهة تريد إرضاء رعاتها في أنقرة وطهران، ومن جهة أخرى تبتعد عن بيئتها الطبيعية التي تقف ضد توجهات تركيا وإيران وسياساتها التي أورثت المنطقة ويلات لا تغتفر.

تشكل هذه الظروف بيئة خصبة ومناسبة لتذكير الدوحة بشرّ أعمالها، على أمل أن يجد استجداؤها آذانا صاغية لدى جيرانها.

ولكن، يبدو أن الخليج تغيّر فعلاً.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...