التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أردوغان لا يقل سوءا عن إيران

أمعن أردوغان في التدخل بالشؤون العربية وبينما العمل العربي المشترك مشلول أعاد المجلس الوزاري للجامعة العربية بعض الأمل بإعلان عدم قبوله بتهميش الدور العربي في قضايا تخص العرب.
الاثنين 2020/06/29

 كشف النظام التركي بقيادة أردوغان عن سياسته ومطامعه في المنطقة العربية، وهو إن لم يستخدم الميليشيات المدججة بالطائفية والموت كما فعلت إيران بفجاجة، فإنه يستخدم دعاية تبدو ناعمة لكنها مفخخة؛ لتمهيد طريق جحافله العسكرية وشركاته الانتهازية لتبسط نفوذها وتغرز حضورها وتستنزف مقدرات الشعوب العربية.

يفعل ذلك مع كامل الدعم والتأييد والترويج لرمزيته من ثلة عربية ارتهنت له فكريا ومصيريا، على نحو ما فعلت قطر التي تقدم الضمانات المالية المفتوحة لتمويل خطواته وتتكفل بالدعاية له وخدمة أجندته.

لقد رمى أردوغان بكل ثقله التوسعي، تعويضا عن الأبواب التي أغلقت في وجهه من الاتحاد الأوروبي، على كاهل المنطقة العربية بعد أن أوهنتها سنوات التفتيت المصطنع، وخلقت ثغرات نفذت منها أنقرة إلى العالم العربي، سلوك متهور وغير محسوب نقل تركيا من سياسة الصفر مشاكل إلى بؤر من الصراعات التي شاركت في صناعتها وإشعالها لاحقا.

لنتفحص قائمة المناسبات التي حملت تركيا على إبداء دور سلبي في عدد من الملفات العربية، وكانت خلالها عاملا لتبديد فرص السلام والاستقرار وباعثا على الفوضى، بتغليب الجماعات المؤدلجة التي تذعن لرمزيتها وتستجيب لأجندتها، مستفيدة في ذلك من المناخ الذي تخلقه جماعة الإخوان المسلمين وراعيتهم في الدوحة والاستثمار في فراغ الدولة وتعبئة بعض أفراد المجتمعات العربية البسيطة والمأخوذة ببريق شعارات التدين الحركي.

لعبت تركيا أردوغان دورا سلبيا في أزمة قطر، وشجعت الدوحة على الاستمرار في مكابرتها وحركت مدرعاتها إلى قلب العاصمة الخليجية، متذرعة بمخاطر متوهمة عن الغزو والانقلاب والتهديد الوجودي لتنفذ منه إلى قلب الجزيرة العربية.

وقبل ذلك في مصر، بإثارة الكثير من الغبار في وجه الاستقرار والسلم الأهلي، وتشجيع بقايا جماعة الإخوان المسلمين للتأليب على الحكومة وتمويل حملات التشويه والإساءة، وأخيرا بالتدخل في حوض البحر الأبيض المتوسط بما يهدد أمن واقتصاد الدولة المصرية وينازعها في حقها من مستقبل الغاز في المنطقة.

وتمارس اليوم تهديدا سافرا لمصر من قلب دولة عربية أخرى، انتهكت سيادتها، واستغلت علاقتها غير المتكافئة مع حكومة ذات شرعية مستهلكة لتمرير مشروعها، وكانت جامعة الدول العربية قد رفضت في اجتماع طارئ بشأن ليبيا كافة التدخلات الأجنبية “غير الشرعية”، وعنت به تركيا أكثر من غيرها، لتسارع قطر إلى التحفظ وتدخل وزير خارجيتها السابق، حمد بن جاسم، ليقلل من شأن الجامعة العربية ويعلق بعدم جدارتها لفعل شيء.

العراق لم يأمن مكر جاره التركي، وكانت الحكومة السعودية قد جددت عبر مجلس وزرائها هذا الأسبوع إدانتها وشجبها للعدوان التركي والإيراني على الأراضي العراقية، ووصفته بأنه تدخل مرفوض في شأن دولة عربية، وانتهاك سافر لأراضيها، وتهديد للأمن العربي والإقليمي، ومخالفة صريحة للمبادئ والمواثيق الدولية.

لقد تحول دور تركيا في سوريا من معين للشعب السوري إلى مستفيد من الحرب القائمة هناك، باستثمار أوراقه وإبرام صفقات مفيدة مع روسيا وإيران أو استخدام اللاجئين فزاعة في وجه دول الاتحاد الأوروبي، ثم لمقاتلين وشباب سوريين كجنود في المعترك الليبي ومرتزقة تحت راية الأجندة التركية.

وفي اليمن تغيرت نبرة الأتراك، وأداروا دفة الدعاية السوداء ضد التحالف العربي وكالوا له الاتهامات، ثم تآمرت أنقرة مع الدوحة لشق صف الحكومة اليمنية، واستثمار بقايا الإخوان المسلمين من التجمع اليمني للإصلاح للتشويش على جهود الخروج باليمن من مأزقه، واستخدمت لافتة المساعدات الإنسانية كغطاء أخلاقي لإعادة انتشار الوجود التركي على سواحل البحر الأحمر والمضايق الاستراتيجية اليمنية.

لقد أمعن أردوغان ونظامه في التدخل بالشؤون العربية، وإن كان حال العرب متردّيا، والعمل العربي المشترك مشلولا، فإن المجلس الوزاري للجامعة العربية استعاد بعض الأمل بإعلان عدم قبوله بتهميش الدور العربي في قضايا العرب، وأن الصوت العربي سيكون حاضرا وقويا في هذه المرحلة الصعبة ولن يسمح بأن يملأ الفراغ الجموح الإقليمي أو الطموح الدولي.




الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...