يمثل شهر رمضان الكريم الموسم الذهبي لمشاريع الدراما العربية، لأسباب تجارية واجتماعية تراكمت وجعلت من هذا الشهر موسم التنافس على حصصه من عناية المشاهدين وموائد الجدل وخزائن الإعلانات واستتباعاتها من الأرباح والعوائد المجزية.
تبدو آثار جائحة كورونا التي طالت كل شيء، بادية بحدة على مشاريع ومنتجات دراما رمضان هذا العام، في شكل أعمال تعثر استكمالها، وأخرى طرحت بنصف النصاب من عدد الحلقات وظهور كل الطواقم التقليدية التي تعوّد الجمهور على مصافحتها كل عام.
ولكن الجائحة لم تغير شيئا في جودة هذه الدراما ولا التبرير لتواضعها في إرضاء ذائقة الجمهور أو وقف شلالات النقد والجدل حولها، لأنها لم تشبع تطلعات الجمهور حتى في أكثر مراحلها ازدهارا وإغداقا في الوفرة والتمويل والدعم، وكان الناس دائما ما يشعرون بأنها أقل من المطلوب وأضعف من تلبية طموحهم في صناعة درامية تعبّر عنهم أو تنتمي إليهم.
هناك سؤال تقليدي عن السبب وراء هذا الضعف والتذبذب في أداء الدراما العربية والخليجية. هل هو ضعف الممثل بوصفه القناة الناقلة للخلاصة الدرامية، أم النص الذي يوفر النواة الصلبة لأي عمل جدير بالتقدير، أم البيئة الناضجة التي تخلق المناخ الأمثل لدعم الصناعة ورفدها بشروط النجاح والتأثير، خصوصا الخليجية التي تحظى بأعلى نسب الدعم والشعبية ووفرة المنصات المتاحة لبثها؟
حتى البيئات السبّاقة إلى هذه الصناعة، تعاني الهشاشة نفسها التي تصيب الحالة الدرامية العربية عموما، فمصر بقيت تجتر نفس القوالب وأيقونات النجوم والسيناريوهات المستهلكة التي تملؤها العيوب، والدراما الكويتية تؤكد في كل عام أعراض انسحابها من الساحة، باستثناء الدراما السورية التي تعاني من تأثير ما تمرّ به البلاد من ظروف عصيبة لا شك أنها ستترك ندوبا على حالة الإنتاج لديهم بما لا يستوي معه النقد الموضوعي ولا المساءلة العادلة.
انضمت إلى موضوعات الجدل حول الدراما العربية هذا العام، تهمة التطبيع الثقافي مع إسرائيل، ولو سلمنا جدلا بهذا الافتراض، فإن واقع دراما هشّة من هذا النوع لا يقوى على تعميق معان سياسية من هذا النوع الذي تواجهه الكثير من الترسبات الثقافية العنيدة، ولا يتجاوز الأمر مجرد زيت مسكوب على نار الاستقطاب المشتعلة في المنطقة التي لا تخلو من مواقد الجدل والكلام الفضفاض في كل مكان.
فضلا عن كون الدراما حاملا فنيا، لا يصحّ تجاوز مضامينه إلى ضوضاء السياسة التي تحكمها الوقائع والحقائق، ولا تستطيع الدراما أن تحرر أرضا أو تطلق رصاصة، ولا يفعل قسرها على السياسة وتحميلها فوق طاقتها من القدرة على التأثير، أكثر من التشويه والتشويش على هذا الفضاء المحايد.
تعليقات
إرسال تعليق