التخطي إلى المحتوى الرئيسي

النص الدرامي السعودي «مشلول» والكوميديا مزحومة بهستيريا «القفشات»


المصافحة الأولى للتجارب الدرامية السعودية خلال رمضان اتسمت بالكثير من الجدل، ونالت حظها من النقد والرضى على حد سواء.
شبكات التواصل الاجتماعي، وهي المسرح المفضل لنقاشات السعوديين، حفلت بالكثير من ساعات الجدل المحتدم عما تدفع به الشاشات السعودية الرسمية والخاصة خلال هذا الشهر.

الكوميديا كانت الأقل حظاً هذا الشهر، بعد أن اجتذب مسلسل «العاصوف» الدرامي كل اهتمام وتركيز السعوديين، بعد أن حظي بدعاية مسبوقة غير عادية، أثمرت في استقطاب عين المشاهد السعودي والتقاط الأضواء من بقية منافسيه المفترضين.


استطاع «العاصوف» خلال ظهوره الأول، أن يعيد نمط الدراما الجادة التي افتقدها الوسط الفني السعودي منذ عقود، كما أن المواضيع والحقبة الزمنية التي يعالجها تعد واحدة من أكثر مواضيع السعوديين حساسية، يرتبط هذا بنجومية الفنان السعودي الأكثر جدلاً، ناصر القصبي الذي حافظ على حضوره في ليالي رمضان من دون انقطاع.

كان حظ الكوميديا وافراً من الناحية الكمية، بواقع أربعة أعمال توزعت بين الشاشات الأكثر مشاهدة في السعودية، وهي: بدون فلتر، وشير شات، وعوض أباً عن جد، وأخيراً شباب البومب.

بعض الأعمال الكوميدية استدعت بعض الأسماء من ذاكرة الغياب الحاد التي لاحقها خلال الأعوام الماضية، بفضل القناة الترفيهية السعودية الجديدة، ولكنها لم تتقدم خطوة جديدة إلى الأمام، وبقيت تعمل بالروح نفسها التي اعتاد عليها المشاهد.

وعزى الكاتب الفني رجا المطيري ذلك إلى نظام الـ٣٠ حلقة منفصلة وأنها يجب أن تختفي من الدراما السعودية بوصفها نظاماً عقيماً يستنزف الجهد ويحرق الأفكار ولا يسمح للمبدع بالذهاب بعيداً على مستوى المعالجة والسرد والبناء، وأن تلك الأعمال التي تصف حال ومستوى كبار الدراما السعودية، فلماذا تخشى القنوات التجربة في الشباب وتتردد في منحهم الفرصة، مؤكداً «على الأقل لن يقدم الشباب أقل مما يقدم الآن».

بتدشين قناة sbc السعودية، قدمت للدراما السعودية جرعة جديدة من المساحة والفرص والإمكانات، يرى البعض أن القناة الوليدة نجحت في استقطاب الأعمال الخارجية التي انفردت بها، لكنها لم تفعل الأمر نفسه بالنسبة مع المنتج المحلي، بعد أن عادت لتنتج دولاب الأفكار و»الكاركترات» عبر شاشتها من دون إبداء أي نفس ابتكاري يمكن ملامسته.

كما أن بعض برامجها مثل غيرها من الشاشات السعودية اتكأت على مدرسة «يوتيوب» في إسعاف ساعاتها ودوراتها البرامجية، واستقطبت نجوم السوشيل ميديا بالطرح والقوالب نفسها، مطالبين بتطوير هذه الآليات مستقبلاً لضمان المنافسة أمام مشاهد ذكي وحاد ومتملص في ظل الخيارات الواسعة والمرنة لديه.

بقي أن المواضيع التي تتناولها الدراما محل استنكار فئة من المعلقين، تتهمها بعدم تمثيل قيم وواقع المجتمع، وتحاول تمرير رسائل مستنكرة عبر مشاهد وأفكار غير مقبولة، وهو جدل قديم ينتمي إلى زمن «التخندق» والتيارات المتشابكة في المشهد السعودي، وإن خفت حدته بفعل التحولات الكبيرة في الواقع السعودي، ولكن بقيت بعض آثاره تحاول إشعال جذوة من فتيل الحرائق الفكرية القديمة.




الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...