لا تكاد منطقة الحرم المكي تهدأ من النشاط الحافل بمظاهر شهر رمضان الكريم، لكنها ليست منفردة بذلك عن أرجاء مكة المكرمة كافة، إذ تتحول أحياؤها وحاراتها وأزقتها كلها، على تباعدها وتنائيها، إلى مضافة كبيرة تفرح بأعداد المسلمين، الذين يفدون من أصقاع الأرض، وقلوبهم معلقة بالصعيد الطاهر وكل أرجاء المدينة المقدسة.
تتأنق شوارع وحارات مكة بحلول الشهر المبارك، فتشرع الأنوار والزينة لكل ضيوف الرحمن، الذين ينزلون مكة فتتماهى جنسياتهم وأعراقهم في نسيج واحد يتجه إلى الله على قلب رجل واحد.يفرح شباب مكة وأهلها باستضافة المسلمين في حاراتهم، يمدون البسط ويفرشونها على امتداد ما تطيقه وتستطيعه طاقتهم على الكرم والسخاء، يدعون إليها الفقراء والمساكين وضيوف الرحمن، ويجتمعون بهم على مائدتي الفطور والسحور.
وتتنافس الأحياء الشهيرة بمكة في إكرام ضيوف بيت الله الحرام، بعض تلك الأحياء يعود تاريخ سفرتها الخيرية إلى غور بعيد من عمر التاريخ، جيل كامل اليوم يشرف ويقوم بحق الضيافة لمستحقها، لم يشهد بدايات المشروع لكنه ورث الحرص عليه والعناية به من والديه، وربما أجداده.
يتواصى أهل كل حي بضمان تقديم كل حاجات ضيوفهم، وقبيل ارتفاع أذان المغرب يبدأ شباب الحي وصغاره بجمع الأطباق من المنازل، وكل بيت أعطى حصة من طعام أهله وعياله لمصلحة سفرة الحي الخيرية، مشهد المقبلين بالأطباق من نواحي الحي المختلفة يشبه العروق الممدودة بالخير إلى حيث يصب في وسط الحي.
في حي العتيبية، وهو واحد من أعرق وأشهر أحياء مكة المكرمة، ينظم مجموعة من شبابه مشروع «إفطار صائم» من حسابهم الخاص، وبدعم من أهالي الحي، بحيث يقوم هؤلاء الشباب بتجهيز الفطور في أحد الأحواش، على امتداد شارع الجزائر، الذي يتوافد عليه عدد من الصائمين، وخصوصاً من عمال نظافة وغيرهم من عمال المحال التجارية المجاورة.
المشروع الخيري يأتي لتعزيز قيم الدين الإسلامي، الذي يحث على التعاون والتكاتف، كما أن موقع الإفطار كان سبباً في استمرار المشروع، وخصوصاً أنه يقع في شارع عام، إذ يحرص فاعلو الخير من المارة على توفير بعض الأغذية حباً ورغبة في المشاركة في الأجر.
الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4585894
تعليقات
إرسال تعليق