التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الإعلانات التجارية تخطف نجومية الشاشة .. و«الداعية» منافس جديد في التسويق


مثلما ارتبط شهر رمضان بالفضائيات وسلسلة البرامج والمسلسلات التي تتزاحم على تقديم نفسها في كل موسم رمضاني، انضاف إليها ارتباط الشهر بالإعلانات التجارية التي تبحث لها عن موطئ ومساحة في عين وذهن المشاهد العربي.
رمضان شهر إعلاني بامتياز، ترتفع فيه نسبة الإعلانات، وقل أن يغيب أو يتردد منتج عن تجديد هويته الإعلانية أو تقديم نفسه بشكل مختلف خلال هذا الشهر، مستثمرين نسبة الإقبال غير العادية على مشاهدة التلفاز وهو يضجّ بالأعمال الفنية والدرامية التي تبحث هي الأخرى عن حصة من اهتمام وعناية المشاهد.

وتبعاً لروح الشهر والموسم الرمضاني، تقدم الدعاية التجارية جرعة قيمية في إعلاناتها، مثل تمرير رسائل توعوية واجتماعية مختلفة تمشياً مع القيم الدينية والإيمانية التي يجسدها شهر رمضان في نفوس المسلمين وسلوكهم، بحيث يعمل هذا الأسلوب على زيادة شعبية ومقبولية العلامة التجارية.


لكن بعض الدعايات تتورط في المشكل السياسي الذي تغرق فيه المنطقة اليوم، ويشتبك مع تعقيد المشهد العربي من حيث أراد المساعدة في تقديم فهمه وحله لمعضلة بعض المآسي الراهنة، وقد أثارت بعض دعايات هذا العام جدلاً واسعاً على شبكات التواصل، وكانت مادة دسمة لتبادل الآراء والتهم أحياناً.

تستثمر بعض الدعايات التجارية في شهرة نجوم الفن والرياضة لتعزيز صورتها وصدقيتها لدى المشاهد، وقد أصبح هذا تقليداً معتاداً، ثم انتقلت نجومية الدعايات إلى مشاهير «السوشيل ميديا» وقد اختطفوا أضواء الاهتمام من النجوم التقليديين، وانحاز إليهم المعلن الباحث عن الجماهير، واستغرق النجوم الجدد بعض الوقت قبل أن تهضمهم الذائقة العامة.

لكن دخول الدعاة ورجال الدين في خط الدعايات كان مستنكراً بشكل حاد وملموس، زاد الأمر بعد أن وظف أحد الدعاة المصريين عبارات دينية صريحة في التسويق لمنتح غذائي، وطاولته سهام النقد والسخرية اللاذعة على مواقع التواصل، قبل أن يصدر فيديو يعتذر فيه عن التصرف وملتمساً من جمهوره التسامح مع هذه الهفوة التي لم يقدر نتائجها.

وعلى رغم ما تشكله الإعلانات عموماً من انزعاج المشاهد وتبرمه وهي تقطع بشكل فج تسلسل مشاهدته، وهي تتزاحم في عينيه بما يضعف من جدوى بعض الدعايات التي تضيع في زحام المطروح، تحاول بعض المؤسسات والشركات استثمار التوقيت الأنسب لطرح دعاياتهم، سواء من ناحية وقت عرضه خلال اليوم الرمضاني أو شعبية المادة التلفزيونية المطروحة، ويؤثر هذا بطبيعة الحال في قيمة وكلفة الإعلان.

يفضل المشاهد أحياناً الهرب من الإزعاج والحشو الذي تسببه الإعلانات على منصات التلفزيون، إلى فضاء الإنترنت والخيارات المرنة فيه، لكن المعلن ولأنه يلاحق الجمهور فإنه ابتكر واستثمر في الإعلانات هناك واستمر في محاصرة المشاهد بدعاياته المختلفة.




الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4582530


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...