التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الأحياء والحارات السعودية تتأنق في رمضان


قبل حلول شهر رمضان الفضيل، كان أحمد إبراهيم يتواصل مع آخر بيوتات حارته ليضمن جمع المبلغ المخصص لشراء زينة الحارة. إنها عادة بالنسبة له، لم تنقطع منذ 15 عاماً تقريباً، إذ كان وقتئذ صغيراً عندما اختارته جماعة المسجد لجمع (القطة) المخصصة لتزيين الحارة بالمعلقات المضيئة والأقمشة الحمراء التي درجت العادة على أنها تمثل روح هذا الشهر.
يقول أحمد: «إن هذا الشهر يكسو القلوب بطعم خاص ينعشه ويحييه، وعلى الحارة كذلك أن تتزين له وتشهد بحلوله ضيفاً عزيزاً».

تتصل عقود الإنارة المشرعة في وسط الحارة بين هامات البيوت، وتلقي عناقيد النور بعض ضوئها وسط المنازل، والجميع يشعر بالفرحة الغامرة التي تعمر النفوس والمساجد والمنازل.


تبقى بعض الحارات واجمة، تخيّم فيها الرتابة وتبني فيها أعشاش الملل، حتى ينزل فيها رمضان وتتأنق لقدومه، لا تسكن الفرحة قلوب وعيون الصغار فقط الذين يذرعون أرجاءها وأزقتها خلال ليالي الشهر، بل تنعش الكبار كذلك وهم يدرجون تحت أعمدة النور وقد تزيّنت بعقود فرائحية ضاجّة بالحياة.

بعض الحارات تجهز مجلساً «برّانياً» خاصاً يكون عادة بجوار مسجد الحارة يجمعهم كل مساء رمضاني لتجديد التواصل في ما بينهم، يزيد المجلس عبقاًَ بالآيبين إلى قراهم وبلداتهم خلال العطل الصيفية، وتعقد مواعيد للفطور والسحور الجماعي يضاعف من ألفة المكان وأثر الشهر في النفوس.

يقول أحمد: «لا يمكن أن نلمس طعم ونذوق رمضان قبل أن تستعد له الحارة بهذا الشكل، بدأنا بهذه العادة قديماً، والآن تكاد كل الحارات المجاورة تفعل الشيء نفسه، الأمر لا يعدو كونه عادة محببة، ولكنه تقليد يترسخ في كل مرة، سأحافظ عليه وأنقله إلى الأبناء من بعدي، وستصبح هذه الحارة تتباهى بحلول شهر رمضان كل عام».

في حين يعمل محمد رمضان في محل لبيع الجملة في السوق القديمة لحي البلد العتيق في جدة، والزقاق الضيق الذي يضم دكانه مع الآخرين مليء بالأغراض المخصصة لتزيين الحارات والمنازل بروح رمضان، فجأة تتحول تلك الدكاكين الصغيرة إلى بازار واسع ومفتوح من القطع المخصصة للبيع خلال شهر رمضان، فوانيس وشالات وقطع قماش طبعت عليها الأهلّة الصفراء وعبارات التبجيل والتهليل بشهر رمضان الفضيل.

يقول رمضان: «هناك أغراض معينة لا تجدها سوى في موسم رمضان، إنها تصل خصيصاً لهذه الأغراض فقط، والإقبال عليها يتزايد كل عام، وهناك زبائن يترددون منذ وقت طويل، وآخرون جدد يفدون إلى هذا الزقاق الواسع من الخيارات، ونحن نحاول توفير البضاعة باكراً وبكميات مناسبة بحسب ما «نسبره» من توجهات السوق والمتبضعين، لكن ظننا لا يخيب على الإطلاق، هناك أحياء ومدن وقرى تستعد لرمضان بطريقتها الخاصة، ونحن نبيع ما يحتاجون إليه تماماً».




الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4583487


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...