التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أردوغان ومعونة الإخوان

أصبحت وكالات وصحف وقنوات تركية تلجأ إلى رموز وجماعات التطرف علنا غير آبهة بالإجماع الدولي على نبذها ومقاومتها.

الخميس 2020/03/12
التخبط الذي أصبح سمة سلوك تركيا في ظل رئيسها رجب طيب أردوغان، أدى به إلى الكثير من المزالق التي كانت محجوبة بفضل الدعاية المجانية التي كان يقدمها له طابور خامس من الإخوان المسلمين في كل دولة عربية. وأصبح أداء الرئيس أردوغان وأجهزته الدعائية والإعلامية الآن يشبه اللعب على المكشوف.
بعد أن كانت دول الخليج العربي وعواصم الاستقرار والاعتدال، لاسيما المملكة العربية السعودية، تُتهمُ بإرسال متشدديها إلى مناطق الصراع التي خلفتها سنوات الربيع العربي، كانت السعودية تدرأ عنها هذه التهمة المزيفة بالأدلة القاطعة، لكن الحقيقة كانت تبددها قوة الدعاية المنبرية التي استثمر فيها أردوغان، خاصة الممولة قطريا، التي نذرت جهدها وطاقتها لخدمة أجندة أردوغان وتلميع صورته وبخس منافسيه في الفضاء الإقليمي والدولي.
في ظل الضغوط الهائلة والنتائج الوخيمة التي تدفع أنقرة ثمنا باهظا لها، أصبحت تجاهر بما كانت تضمره من توظيف الجماعات المتشددة والاستثمار في خطاب التطرف ورموزه لتمهيد الأرضية المواتية لمدّ نفوذها وتوسيع دورها وتبرير سلوكها، إذ وأمام انخفاض رصيد المصداقية لمنصات وقنوات الإخوان في حسابات الشعوب العربية، أصبحت وكالات وصحف وقنوات تركية تلجأ إلى رموز وجماعات التطرف علنا غير آبهة بالإجماع الدولي على نبذها ومقاومتها.
نشرت صحيفة يني شفق التركية المقربة من الرئيس التركي، فيديو عبدالله المحيسني، المسؤول الشرعي السابق في هيئة تحرير الشام (النصرة سابقا)، يخاطب الشعب التركي، مناشدا القوات التركية دعم إدلب. وأتى نشر الفيديو في إطار الترويج الإعلامي للعملية العسكرية التي أطلقتها تركيا شمال غربي سوريا، ودعم الجنود الأتراك.
وآخر ما عرف عن المحيسني المصنف إرهابيا على قائمة الخزانة الأميركية، أنه يقضي معظم وقته في مدينة غازي عنتاب، ويقيم فيها لفترات طويلة برعاية ضباط الأمن الأتراك المكلّفين بالعمل مع الفصائل المسلحة في الشمال السوري. ويطلّ على مشايعيه في مواقع التواصل الاجتماعي حسب ما تقتضيه حاجات الجماعات المتطرفة ورعاتها من الدول الإقليمية التي تستثمر في المناطق الرخوة للأراضي العربية لغرز نفوذها وتوسيع رقعة تأثيرها.
ما إن مرّت قصة كلمة المحيسني دعما لتركيا، حتى نشرت وكالة الأناضول الحكومية فيديو يبيّن مجموعة من المسلحين، وصفتهم بـ”معتدلين”، كانوا يركبون المدرّعات، دون أن تنتبه الوكالة إلى أنهم يربطون على أكتافهم شارات داعش، ما اضطرها بعد دقائق إلى حذف الخبر.
سواء أرادت ذلك أو لم تنتبه، قدمت وكالة الأناضول مادة دسمة لناشطين عرب على مواقع التواصل الاجتماعي لإلقاء الضوء على حقيقة توظيف الحكومة التركية لميليشيات متطرفة في مجهودها العسكري غير النزيه في كل من سوريا وليبيا، فيما تتغاضى الكثير من منصات الإخوان الممولة قطريا، أو تزيّف هذه الحقائق القاطعة وتشوش عليها بقائمة من التهم المرسلة في وجه عواصم عربية رفضت التدخل التركي السافر وقاومت رغبته في كسر مناعة العالم العربي واستعصاءه على الوجود التركي غير الشرعي.
فيما ترفض المؤسسات الإعلامية التركية والقطرية على حد سواء، أي شكل من أشكال النقد لسلوك أنقرة وعبث أردوغان، وتخوض في حملة ممنهجة من التحريض والتشويه والاتهامات غير المبررة، لإسقاط رموز دينية وشعبية وقفت في وجه الدعاية التركية وفنّدت سلوكها.
من ذلك البث التحريضي غير العادي الذي واجهه الداعية السعودي عائض القرني، وجملة من التهم السطحية التي تعرض لها من نفس هذه المنصات التي احتفت برموز التطرف، لأنه رفض تمجيد أردوغان وانتقد صورته والثناء المبالغ في حقه.
كما وقعت وكالة الأناضول في خطأ يكشف حجم التنسيق مع الظهير القطري في الإطار الإعلامي، عندما أشارت في تقرير يهاجم القرني، إلى حسابات مزيفة على تويتر تدعي بأنها سعودية، لكن سوء التركيز والتقدير جعلها تكشف هويتها الحقيقية، وقالت إنها حسابات قطرية.


الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...