تواجه تركيا وجارتها إيران اليوم، أكثر مراحلهما بؤسا، بعد أن لعبت الجبهة العربية، المشكلة من أكثر دول المنطقة فاعلية، دورا في إحباط التدخلات التركية والإيرانية في شؤون المنطقة العربية.
الأربعاء 2020/01/29
تغري حالة الارتخاء العربي دولة مثل تركيا، على اختراق ليبيا والعبث بأرضها ونصرة الميليشيات الإخوانية التي تسيطر على قرار العاصمة طرابلس. ابتكرت أنقرة السبب الذي يعطي لتدخلها شرعية متوهمة، وصبّت الزيت على نار الفوضى، لولا دور عربي تقوده مصر قَطَعَ الطريق على أي ارتياح قد يشعر به الأتراك في عبثهم بمصير الليبيين.
ليبيا مسرح جديد لتعميق الدور العربي وإعادة بعثه من رميم الهزائم، بقيادة مصرية كانت منتظرة في وجه كل اللاعبين الإقليميين، ممن يستخف بالعرب وينتقص دورهم في معادلات بلد عربي أثقلت كاهله ورطة الأحلام السادرة وتركة حسابات الميليشيات التي مزقت أطرافه وانتهكت استقراره.
ذهب رجب طيب أردوغان بعيدا في التلويح بإيذاء مصر، وتوزيع التهم إلى السعودية والإمارات لأنها ترفض دوره في ليبيا الذي يروم شق صفوف الشعب فيها، وأخذ يبعث رسائل تلميح وتصريح بحقه المطلق في اللعب بمصير المنطقة واستقرارها، وتجاوز الحدود والخطوط، قامعا أي حق للعرب في مجرد الإنكار والرفض، وأن يتخذوا ردود فعل ترد عدوانه وتحمي حدود المنطقة العربية من عبث الاختراق التركي.
التنسيق العربي في الملف الليبي يبدو على أفضل صورة بما لم يحدث من قبل خلال العقد الماضي على أقل تقدير. جهد مصري عملي في ليبيا، وحضور إماراتي لافت في مؤتمر برلين حول ليبيا، وفي الخلفية تبدو السعودية داعمة لكل ما من شأنه إعادة الاستقرار لبلد عربي مزقته الحرب وأنهكته الفوضى، فضلا عن حجم ما تملكه الرياض من أوراق ضغط ولياقة عالية في دفع أنقرة لإعادة النظر في حساباتها وهي تجد مملكة ناشطة في قبرص واليونان وعلى ضفاف البحر المتوسط.
هل يمثل الملف الليبي فرصة لتعافي الدور العربي وإعادة تجميع قدراته المتناثرة في هموم الجسد العربي التي تتسع ولا تندمل؟ لاسيما وأن الثلاثي العربي، السعودية والإمارات ومصر، اكتسب خبرة وثقلا وثقة متبادلة في الكثير من المناسبات جعلت منه عمقا مفيدا لإسناد أي حالة منشودة لدور عربي فاعل في المستقبل المنظور.
يستثنى من هذا العمق المجهود القطري الذي نذر نفسه لكل خطوة تركية وأصبح أداة في يد أنقرة لتقديم خدمات التشويش والتمويل لأعباء التدخلات في شؤون جيرانها، الأمر الذي يزيد من عزلتها ونفور جيرانها وزيادة تكلفة عودتها إلى المحيط الطبيعي لها.
ودّت تركيا لو أنها تمكنت من المضي في خطتها العسكرية في ليبيا، لكن مؤتمر برلين الذي دعمه الثلاثي العربي وشجع نتائجه، أسقط ما في يد أردوغان وجعله مكشوفا أمام المجتمع الدولي، وعرضة لنقده رغم تهديداته بجيوش المهاجرين وإرسال مجندين سوريين والتلويح بشرعية حكومة مدججة بالميليشيات وبنفوذ يتقلص كل مرة على العاصمة المنتهكة للشعب الليبي.
أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية في الإمارات، قال إن المتابع لمؤتمر برلين حول ليبيا يدرك أن حضور مصر والجزائر والإمارات والجامعة العربية ضمان ضروري، وأن البعد العربي حاضر بقوة في مساعي البحث عن السلام والاستقرار في هذا البلد العربي الشقيق.
وقال الأمر نفسه نظيره السعودي عادل الجبير، أثناء مشاركته في منتدى دافوس الاقتصادي، وسجل استمرارا لهذا الموقف المتماسك من الحالة العربية، وحافظ على حيوية وجهة النظر العربية في هذا المحفل بشأن ليبيا، وأن الرياض تعمل مع الدول العربية والدولية على استقرار ليبيا، وشدد على خطر التدخلات الخارجية في ليبيا.
تواجه تركيا وجارتها إيران اليوم، أكثر مراحلهما بؤسا، بعد أن لعبت الجبهة العربية، المشكلة من أكثر دول المنطقة فاعلية، دورا في إحباط التدخلات التركية والإيرانية في شؤون المنطقة العربية، وحجمت بمستويات مختلفة، من عبثها ونفوذها في سوريا والعراق وليبيا، ومناطق أخرى قريبة من المجال الحيوي والأمن القومي.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق