التخطي إلى المحتوى الرئيسي

عثرة "قطر" المزمنة

كثيرا ما كانت الدوحة حصان طروادة ضد جيرانها، وخزينة مستباحة لتأمين تغطية مالية لمشاريع الفوضى والخراب لكل من طهران وأنقرة.

الاثنين 2020/02/17

انتكاسة متوقعة في سير المحادثات السعودية القطرية، في ظل ما تواظب الدوحة على اقترافه من أخطاء فادحة بحق جيرانها وهي تؤلب عبر منصاتها وتجمع النقائض السياسية وتتحالف مع كل من يشهر خنجره في وجه الخليج بدوله وشعوبه.
عالقة في خياراتها المزدوجة، وفي سياساتها العبثية، تحاول الدوحة إحداث تقدم في محادثاتها مع السعودية، المحادثات التي تطمع في أن تدق بها إسفينا في تماسك الرباعي العربي، الذي قرر مجمِعا مقاطعتها والتوقف عن التعاطي معها، بعد أن استنفدت كل خيارات التسامح والتصالح والعفو، وأثبتت إصرارها على الخروج عن جادة صواب العلاقات الطبيعية بين الدول فضلا عن الجيران.
كانت قطر وهي في وسط المحادثات تنقض غزلها، ترسل مبعوثيها إلى الرياض لتحصل على فرصة ولو ضئيلة لتحريك الملف، في وقت تنشط فيه المنصات الإعلامية التابعة لها، في بث دعايتها السوداء ضد دول الخليج وتبرم صفقات مشبوهة ضد مصالحها في اليمن وليبيا ومصر والعراق خدمة لأجندة تركيا وإيران، في استمرار لازدواجيتها المزمنة ولعبتها الخطرة على حبال المتناقضات.
أدمنت الدوحة هذا الدور السلبي، أصبحت هي والوظيفة الرديئة التي تبنتها منذ عقدين شيئا واحدا، لا يمكنها التنازل عنها أو التفريط بها، لأن في ذلك ذهاب ريح النظام، الذي يشهد انهيار أحلام الزجاج التي شيدها على حواف الماء وشفير الأوهام.
ودّت قطر في محادثاتها الأخيرة أن تحصل على تسهيلات إجرائية تساعدها في رفع الضغط الشعبي من الداخل بعد أن استنفدت كل المبررات التي كانت تسوقها على سبيل المظلومية، لكن الحقائق كانت جليّة في ارتهان الدوحة لخيارات أنقرة وطهران، وانشقاقها عن إجماع جيرانها وعمقها الطبيعي، وتهتك النسيج الاجتماعي الذي يربطها بهم نتيجة سلوك سياسي كارثي وخيارات مؤداها الفوضى والقلاقل. كما أن الكثير من الاستحقاقات التي بذلت الدوحة الكثير لنيلها، لم يكتب لها النجاح في ظل هذا المناخ الاستعدائي، الذي تبديه تجاه جيرانها وظروف التوتر الذي تسببت فيها لنفسها.
كان إقبال قطر على المحادثات بدافع تحايلي، دون جدية ولا استعداد لنقاش جوهر المشكلة التي وقعت بها، لاسيما أن العزلة التي تعانيها الدوحة تزداد ضراوة بعد أن استبعدت كليا من السودان وسوريا وجزئيا من ليبيا. وضاعف ذلك تكاليف وأعباء المقاطعة مع تفاقم الفجوة مع جيرانها ومحيطها الطبيعي.
وبطبيعة الحال كانت الرياض حاسمة في جوابها تجاه المحاولات القطرية على طاولة المفاوضات، في أولوية أن تبدي قطر تغييرا جوهريا في مسلكها، ولاسيما في سياستها الخارجية التي أيدت فيها الدوحة أطرافا مناوئة في صراعات إقليمية عدة.
تاريخ قطر مع المعاهدات والمواثيق لا يشجع على الثقة بها، بعد أن أفرغت اتفاق الرياض 2014 والتكميلي العام التالي، من مضامينه تماما، والذي كان أساس الأزمة التي تعانيها اليوم ووقود المقاطعة التي تدفع ثمنها. كما أن سلوكها الإعلامي السلبي، الذي يزيد إشعال نار الخلاف عبر تجنيد جيوش مشعلي الفتن وزبانية لهيب الفرقة، يبدد كل سعي جاد لإنهاء المعضلة وإرساء قواعد الحل، ويقوض أي ثقة محتملة ويعزز الرأي القاطع بعدم جدية قطر في إنهاء أزمتها أو التنازل عن مشروعها البائس.
هناك أيضا عدد من اللاعبين الإقليميين، يضغطون لاستمرار قطر في سلوك هذا الطريق، لأنهم يجدون فيها ممولا لمشاريعهم ومروجا لسياساتهم وثغرة في الكيانات المنافسة لهم. وكثيرا ما كانت الدوحة حصان طروادة ضد جيرانها، وخزينة مستباحة لتأمين تغطية مالية ومظلة مصرفية لمشاريع الفوضى والخراب، ومنصة تلميع لرموز ومشاريع وسياسات كل من طهران وأنقرة، وهما لا تريدان خسارة ظهير مفيد من هذا النوع.

الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...