التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الجماعات الإخوانية تعمق أزمات اليمن

يحاول الحوثي، وبعض مندسّي الإخوان في الحكومة الشرعية زرع الإحباط في نفوس اليمنيين. ويسعى دفعهم للتسليم والإقرار بسيطرة الجماعة الانقلابية على اليمن والتنازل عن مقاومتهم وتضحياتهم.

السبت 2020/03/07
إخفاق جديد سجله الجيش الوطني، الذي يتبع الحكومة اليمنية الشرعية في منطقة الجوف، شكل هزّة في حسابات الواقع اليمني وفرض إعادة النظر ومراجعة الذات. فرغم أن الحرب القائمة عرضة لمثل هذا النوع من الكرّ والفرّ بين الجانبين، إلا أن طبيعة الحرب لا تلغي الحاجة الملحّة لمساءلة الذات أمام هذه الخسارة الجزئية في معركة مفتوحة منذ أكثر من خمس سنوات، تكبدت فيها اليمن أعباء ومتاعب ومشقة كبيرة.
حقائق الأرض تؤكد أن ميليشيا الحوثي ارتكبت جرائم شنيعة في حق المدنيين عقب دخولها مدينة الحزم مركز الجوف في سياق نقمتها المتعاظمة ضد شعب أعزل يرفض سيطرة الجماعة الانقلابية وينشد وطنا جامعا ومعتدلا ولا يخضع لأجندة خارجية تستفز جيرانه وتشق صفوف أبنائه وتستعدي المحيط العربي والطبيعي على دولته. كما منعت الميليشيا من تبقى من الأسر من المغادرة واتخذتهم دروعا بشرية، بعد إعدام مدني حاول الخروج من المدينة أمام أسرته. ونفذت عمليات اقتحام ونهب وتفجير وإحراق لمنازل شخصيات اجتماعية وضباط وموظفين حكوميين.
خسارة مركز مدينة الجوف جاء ضمن سلسلة إخفاقات، بدأت في نهم، لكن هذا التداعي لم يغير في حسابات بعض المؤدلجين ومن أدعياء الغيرة على وحدة التراب اليمني. ففتح التيار اليمني المتأخون نيران انتقاداته على قيادة التحالف العربي، رغم أنه لم يتوان عن خدمة البلاد وحكومتها الشرعية وإنقاذ شعبها من غائلة الجماعة الحوثية. وقدم بذلك أفضل خدمة لتمرير تلك الخسارات المتتابعة والتعمية على مصير القضية المركزية لصالح معارك هامشية متوهمة ومكايدات مفتعلة لخدمة رعاته في قطر وأنقرة وربما طهران أيضا.
لا يحتاج الجهد التاريخي الذي قدمه التحالف العربي للدولة اليمنية إلى أدلة، فهو الذي أعاد الأمل إلى نفوس اليمنيين باستعادة وطنهم وكامل ترابهم وتقديم الظهير العسكري والمعنوي لوقف زحف الجماعة الانقلابية لابتلاع كامل اليمن بما في ذلك باب المندب، الذي كان جزءا من أحلام إيران لتطويق الجزيرة العربية من كافة جهاتها، ولولا هبّة التحالف العربي لما أمكن منع ذلك.
بعد إخفاق الشرعية والجيش الوطني في الحفاظ على تلك المناطق المحررة، غرق بعض المحسوبين عليها، في كيل التهم المهلهلة عن مسؤولية التحالف وتقصيره، بينما تشير القراءة المتمهلة في واقع أداء الأجهزة الرسمية المحسوبة على الحكومة الشرعية، إلى حجم التلاعب والتقصير، المتعمد ربما، والذي أصبح من الواجب الآن إعادة النظر فيه والتوقف عن التساهل في أمره.
يحاول الحوثي، وبعض مندسّي الإخوان في الحكومة الشرعية زرع الإحباط في نفوس اليمنيين. ويسعى دفعهم للتسليم والإقرار بسيطرة الجماعة الانقلابية على اليمن والتنازل عن مقاومتهم وتضحياتهم. ويحاول إجبارهم على التخلي عن مشروع استعادة الوطن من قبضة الانقلابيين، عبر صناعة الإحباط التي تبرع فيه جماعة الإخوان المسلمين بالتشويش على جهود التحالف العربي وخلط أوراق الحكومة الشرعية واستنزاف جهودها في الجبهات الوهمية.
لكن التحالف العربي لا يزال يحتفظ بالخطوط العريضة لجهده العسكري وعزيمته على استعادة الشرعية وضمان عودة البلاد في أيادي أهلها وإنقاذهم من انفراد الجماعة الانقلابية وعبث الجماعة الإخوانية المؤدلجة ومن والاها في قطر وسواها.
المؤشرات تتزايد على أن إيران لا يمكن أن يكون لها دور في اليمن، بعدما سببت له الدمار والخراب عبر دورها الظلامي في المنطقة ودعمها للمنظمات الإرهابية وزعزعة الأمن في المنطقة، في وقت تجدد فيه السعودية التزامها بالحل السياسي في اليمن ويتزايد إدراك الأطراف اليمنية لأهمية حل النزاع سياسيا، إضافة إلى تصاعد وعي الشعب اليمني بأنه يستحق مستقبلا أفضل، وأن ذلك المستقبل لا يمكن بلوغه إلا بتحقيق السلام وانطلاق عمليات إعادة الإعمار.



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...