الشباب العرب يقبلون على الرحلات إلى وجهات غير مكتشفة وغامضة تحيط بها الكثير من الخيالات غير المحققة.
السبت 2020/01/25
حوّل ارتفاع القدرات الاقتصادية للكثير من الأفراد العرب وإمكانية الوصول إلى العديد من الوسائل التقنية والوسائط الحديثة، السفر إلى تجربة سهلة وميسّرة، بعد أن كانت مرتبطة في تضاعيف الثقافة التاريخية والخبرة الاجتماعية بمعاني الشقاء والتعب والعنت والغربة والوحدة وضرب أكباد الصحراء والفيافي والبحار الرهيبة.
ومن أجل كسر روتين السفر والرتابة التي صنعتها سهولته ويسر شروطه، أصبح لدى الشباب العرب اهتمام من نوع خاص، يتمثل في البحث عن تجارب نوعية في السفر، وذلك باختيار وجهات غير مكتشفة، وغامضة تحيط بها الكثير من الخيالات غير المحققة، وصناعة مغامرات شخصية بتحسن العواصم والمدن والمناخات الصعبة والمعقدة.
وصار الشباب يبحثون عن أشياء جديدة ملهمة، أو عن متعة تجدد في نفوسهم حب الحياة وتعزز صلتهم بمجتمعاتهم ومحيطهم، أو عن توثيق لتجربة شخصية تجتذب عددا من المهتمين ليتشاركوا خبراتهم المتعددة في كل أصقاع الأرض، وإشباعا لشغف فطري يدفع الفرد لفحص السبل المتفاوتة لعيش الناس هذه الحياة وهم يواجهون أشكالا مختلفة من التحديات والظروف.
وتعد الخيارات الجديدة خير شاهد على ظهور ثلة من الرحالة الجدد، يشقون طريقهم في فجاج الأرض، وينقلون تجاربهم المثيرة والثرية عبر منصاتهم الحديثة، ويجتذبون جمهورا معارضا وآخر يمحضهم الولاء والمتابعة الدقيقة لكل تفاصيل رحلاتهم الغريبة.
تعتبر قصة المهندس السعودي، إبراهيم سرحان، واحدة من أكثر التجارب غرابة وتميزا، لأنه يختار الطرق الوعرة والدول ذات الحساسية العالية، وهو ما طبع تجربته الأخيرة التي لاقت رواجا كبيرا ومتابعة عالية عندما اختار كوريا الشمالية موقعا لرحلته.
أصبح لدى الشباب العرب اهتمام من نوع خاص، يتمثل في البحث عن وجهات غير مكتشفة، وغامضة
وبعد جولات لا تقل أهمية وغرابة في زياراته الاستكشافية لهضبة التبت وغابات الغابون في ساوتومي وبرينسب، اختبر الحياة في أعلى أماكن العالم المأهولة بالسكان في بوليفيا، وغامر بزيارة أرض الصقيع لابلاند.
واختار في كوريا الشمالية الإثارة والغموض وواجههما بشجاعة، وانتهت رحلته إلى هناك بسلسلة من المذكرات المصورة التي يتلهف لها المتابعون واستضافته على إثرها الفضائيات لنقل تجربته والاطلاع على تفاصيلها المثيرة والمشوقة التي لا تكاد تتوقف.
وجد سرحان في كوريا الشمالية واحدة من أكثر الدول غموضا وعزلة، ويعيش شعبها تحت وطأة حكومة شيوعية، وأنظمة غريبة لا تتوافر الكثير من المعلومات عنها، إضافة إلى أنشطتها النووية التي أقلقت العالم.
أما مروان لطفي وهو شاب مصري ثلاثيني، فقد اتخذ قرارا صعبا عندما ترك وظيفته كمحاسب لدى أحد البنوك، والتي كانت توفر له الأمان لكنها في المقابل لم تكن تحقق له القدر الكافي من الرضاء عن النفس.
وانطلق لطفي في رحلاته التي بدأها عام 2013 برحلة إلى ماليزيا تلتها رحلات إلى إسبانيا وإيطاليا وفرنسا وبلجيكا وهولندا ولبنان وأميركا، وقد قضى رحلة حول العالم في 400 يوم.
وكان لطفي ادخر من عمله السابق في البنك مبلغا من المال للإنفاق على رحلته حول العالم، وهو ما دفعه للتخطيط بشكل دقيق ومحكم قبل خوض كل رحلة من خلال تحديده لأرخص الفنادق ورحلات الطيران، حتى يتمكن من توفير أكبر قدر ممكن من الأموال.
قرر الشاب الثلاثيني تحويل حياته إلى رحلة لا تنتهي يتجول عبرها بكل ركن من العالم، مكتشفا عادات وتقاليد وثقافات الشعوب المختلفة، ومحاكاة ثقافة شعب كل بلد يزوره، حتى يحقق الاستفادة من تجربة السفر على أكمل وجه، ولكي يثري شخصيته بمزيد من التجارب التي تستحق أن تروى وتسجل.
واختار لطفي أن يقاوم الرتابة في حياته، وأن يكسر كل التقاليد المستقرة في أذهان المجتمع في نظرته إلى الوظيفة وما يتبعها من التزامات في سلسلة حياتية مترابطة.
وفي مصر عامة هناك اهتمام متزايد بالسفر، حيث ظهرت بشكل لافت “غروبات” وأفراد عرفوا بالاسم برحلاتهم وبتدويناتهم وأسفارهم.
وأشهرهم فادي حنا، صاحب موقع “ترافيل ديلايتس”، ومروان لطفي، صاحب صفحة “ترافل لايك إن ايجيبشن”، وعمرو بدوي صاحب موقع “كاوتش ترافل”، ويارا يحيى صاحبة مبادرة “هزها وسافر“، وهايدي سهدي التي تصف نفسها بالرحالة المصرية التي تسافر كبنت عربية مسلمة محجبة، وشيماء علي صاحبة صفحة “شي ترافلز” لتشجيع الفتيات على السفر.
الرحالة الكويتية فاطمة المطر، صاحبة مدونة ومهتمة بزيارة أشهر الوجهات السياحية والمناطق الأثرية، وتسليط الضوء عليها وتوثيق تجاربها المختلفة.
وعرفت المطر بكونها من أهم وأشهر الرحالة في المنطقة العربية، حيث قامت بجولات سابقة داخل دبي وسويسرا وفرنسا وبريطانيا وأميركا وغيرها من الدول التي تحظى بأهمية على خارطة السياحة في العالم.
وتعتقد أن السفر لا يناسب الرجل فقط كما هو متعارف عليه في الأذهان، فهو كذلك يناسب المرأة العربية، ولكن في مجال الترحال يعتبر الأمان منخفضا نسبيا، لهذا السبب لا تفضل الكثير من النساء العربيات الترحال.
ولفتت إلى أنها لاحظت الاهتمام المتزايد من قبل النساء في مجال السفر وخصوصا في الآونة الأخيرة.
كما أن الإنترنت ساهمت وفقا للرحالة الكويتية في زيادة المعرفة في مجال السفر وتسهيله من ناحية التنقل ومعرفة المناطق وجميع المعلومات المهمة التي تخص الرحلة.
وأوضحت حول معاييرها الشخصية لاختيار وجهاتها، وما إذا كانت تهتم بذات الغرائب مثلا، قائلة “اختياراتي تختلف وتتفاوت من حين إلى آخر، بعض الأحيان تجذبني الفنادق المميزة وأتشوق إلى زيارتها أو تاريخ الدولة أو اقتراح من أحد الأصدقاء المسافرين وحسب اهتماماتي الشخصية في تلك الفترة سواء كان للتصوير أو للراحة والاستجمام أو للعمل”.
السفر يوسّع المدارك، ويدرب الوعي على التسامح مع كل مختلف ومغاير، وهو ما تحتاجه جدا منطقتنا العربية، فجميع الناس بحاجة ماسة لتوسيع مداركهم ورفد الوعي لديهم بالصور المختلفة، والسفر يعد إحدى الوسائل التي تساعد على ذلك بشكل كبير.
وتنصح المطر بخوض تجربة سفر فردية، لأنها تساعد على اكتشاف الذات وزيادة الثقة في النفس.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق