قرية «الأطاولة» في منطقة الباحة (جنوب السعودية) أمام فرصة ثمينة لإحياء تراثها الزاخر، وإنعاش مستقبلها الزاهر، على وقع الالتفاتة التي تحركها وتوقدها رؤية المملكة ٢٠٣٠ لإعادة تشغيل واستثمار ممكنات البلاد التراثية والثقافية والطبيعية.
القرية التي تحتفظ بموقع مميز في الذاكرة الشعبية في السعودية، أصبح من الممكن لها الآن أن تعيد تموقعها، وتمد من جسور التواصل بين ماضيها وحاضرها، وتشهد الناس على ما طوي في باطن أرضها وهامات جبالها من عبق التاريخ وشذى الليالي الخوالي. اعتبرت «الأطاولة» التي تقع في محافظة القرى ما بين محافظة الطائف ومدينة الباحة، في أعطاف التاريخ مركزاً تجاريا وسياسياً وهي التي تضم بين جنبيها «سوق ربوع قريش» الذي يمثل قبلة تجارية ومحلاً لإظهار قوة وثراء وتنوع كل قرية، على عادة ما يجرى في طبيعة الماضي كبقية جاراتها من حواضر التاريخ ومدنه العتيقة.وكان سوق الربوع في الأطاولة ذائع الشهرة والصيت، مكتظاً نابضاً بالحياة، حافظ على موعده ثابتاً، تباع فيه الاغنام والحبوب وغيرها من صنوف التجارة القديمة، قبل أن تحيط به التغييرات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة التي أثّرت على الكثير من الأسواق الشعبية وتركتها أطلالاً خاوية، إلا من نفر قليل بقي متمسكاً بنمط معيشته وربما لن يطول بهم الوقت كثيراً.
وقال أستاذ علم الاجتماع عبدالرزاق حمود الزهراني صاحب دراسة «الوظائف الاجتماعية للأسواق الأسبوعية في منطقة الباحة» المنشورة في مجلة العلوم الاجتماعية الكويتية إن «سوق الربوع بالأطاولة في بداية التسعينات الهجرية، كان يعج بالحركة ويؤمه الناس من قرى كثيرة، قبل أن يختفي، والسبب في اختفاء الأسواق الأسبوعية، هو توفر الأسواق باستمرار، وتوفر المادة عند الناس ووجود الخيارات أمامهم في الأوقات التي يختارونها». وتشرف الأطاولة من سفح هضبة تتوسط وادي قريش الذي يقع بين جبلين عملاقين ولا سميا بالجبل الشرقي وهو يحدها من الشرق والجبل الغربي ويحدها من الغرب.
بقيت تلك الجبال شاخصة لفترة طويلة، تشعر بغربة المكان ونأي الإنسان، قبل أن تلمع فكرة ودودة لإحياء ماضي المكان الذي كان محل اجتماع الناس مسكوناً بدويّ الأسواق وجلبة الباعة والمتبضعين، ونظم مهرجان الأطاولة التراثي الذي وصل عمره أربع مواسم حتى الآن. تقام خلاله العديد من الفقرات الشعبية والتراثية التي تتميز بها الأطاولة وكذلك بقية القُرى في منطقة الباحة، ويشمل المهرجان عدة أركان من بينها ركن الحرث والحصاد وركن حرفة البناء القديم بالحجر و الركن الفوتوغرافي للصور القديمة للأطاولة و للمعارض المصاحبة والتي من أهمها متحف قديم التعليم و الدكاكين الشعبية لأبرز ما كان يباع في السوق منذ القدِم. عاد شيء من طيف تلك الأيام إلى ذات المكان الذي حنّ إلى أهله ، وأضناه الغياب الطويل، لكن فرصة أن يعود، أشرقت من جديد عبر نافذة إحياء التراث وإنعاش روح الماضي.
الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4593837
تعليقات
إرسال تعليق