عبدالشكور يتيم أوغندي، كان من المرجح أن يفتك به الجوع والفقر وغياب المعيل مثل كثير من أترابه وأبناء بلدته، لكن الله هيأ له أبو الأيتام علي الغامدي القادم من مدينة جدة في السعودية ليرعاه منذ صغره، حتى أصبح اليوم مؤهلاً ليغادر حياته السابقة، إلى حياة مختلفة، يواجهها بمفرده.
عبدالشكور تلقى منذ أيام إخطاراً بقبوله في كلية الطب في أوغندا، أرتدى الزي الأبيض الخاص بالأطباء، ثم التقط له صورة، وبعثها إلى صاحب الفضل عليه بعد الله، الغامدي الذي انفرجت أساريره، وهو يرى أحد أقرب الأيتام إلى قلبه، يستعد لطرق المستقبل من أوسع وأشرف أبوابه.«الحياة» التقت علي الغامدي الذي يسافر منذ ١٧ عاماً، لزيارة دور الايتام في دول كثيرة، وقد اختار أن يسخر نفسه لرعاية الايتام ومساعدتهم، لا سيما في الجانب التعليمي والتثقيفي، وليس مجرد توفير ما يأكلونه ويلبسونه، إذ يقول «بالوعي يستطيع اليتيم أن يتجاوز افتقاره إلى من يعيله، ويعتمد على نفسه، وينفي عنها الشعور بالنقص والحاجة والفاقة».
شرع الغامدي في توسيع خريطة زياراته الشخصية وتطوير مشروعه لرعاية الأيتام وتعليمهم، تخير البلدان التي تفتقر إلى المعونات، ليبدأ أولاً في الفيليبين قبل أن ينتقل إلى أفريقيا، متأثراً بالداعية والإغاثي الكويتي الشهير عبدالرحمن السميط. يحمل الغامدي في صدره فروسية المواطن السعودي، كما يقول، تجاه البشرية كلها، وواجبه الأخلاقي والإنساني تجاه المحتاجين.
يضيف: «بدأت أضع غرفاً مخصصة لتعليم الصغار، وعندما يبلغون السن القانونية للالتحاق بالمدرسة، نوفر لهم حاجاتهم بحسب ما نطيق ونستطيع، وهذا ليس جزءاً من إعانة فقط، بل لكي يشعر اليتيم أنه مثل غيره وأن الله رزقه ببدائل جيدة تعينه».
وعن عبدالشكور الأوغندي أشار إلى أنه يمثل حالة من بين عشرات الحالات، «وبمساعدة واحدة من الأخوات رغبت في إعالته والوقوف معه، وبالفعل تكفلت بجميع ما يلزم لإكمال دراسته ولله الحمد». ولفت إلى وجود أصدقاء ساعدوه في الوصول إلى دور الأيتام، «وتوسعت علاقاتي معهم والحمد لله»، مبيناً أنه عمل في مصر ثم أثيوبيا وتلتها على التوالي السودان، كينيا، وجزر القمر، وتشاد، والنيجر وهكذا، «وركزت بشكل أكبر على كينيا وتشاد وأوغندا، لأنها من أكثر الدول محورية، وتحتاج اهتماماً أكبر، سواء كتعليم أم إغاثة».
يرعى الغامدي الآن أكثر من ٧ آلاف يتيم، ونحو ألفي أسرة و٢١ داراً، وفي سبيل توفير موازنة تكفي للوفاء بهذه الأعداد الضخمة، حاول العمل أو التعاون مع جهات محلية ورسمية عدة، لكنه لم يلق أي تجاوب من قبلهم، ولذا اضطر أن يستمر من دون مساعدة أحد، ويعتمد على نفسه في توفير مورد مالي، يصب في مصلحة مشاريعه الكبيرة، ومن أجلها لجأ إلى طلب قروض بنكية، إذ يقوم بجدولة المبلغ على مدى ٤ سنوات، ويعمل في حدود الممكن من دون إفراط ولا تفريط، وبانقضاء مدة السداد، يقترض مبلغاً مماثلاً، وعلى هذا المنوال، استدان إلى الآن خمسة قروض بالكيفية نفسها. عندما يشعر علي الغامدي بالإرهاق أو بالوهن في عزيمته، تجدد زوجته أم فارس الحماسة والهمة في داخله، منذ تزوجها انتظرا مولودهما الأول نحو ١٣ سنة، لم يكتئب، وأبدل مشاعر الضيق لديه بمشروعه الشخصي لرعاية هذه الأعداد المؤلفة من أيتام المسلمين في قاراتهم الفقيرة، كان يحدوه الأمل في كل مرة، حتى جاءه البشير، ورزق بمولوده الأول، ثم أعقبه ٣ بنات ملأن عليه دنياه، وشحذ ذلك من همته لمواصلة مشواره الشخصي في تشييد أركان فلسفته الخاصة في رعاية الأيتام، غذاء العقل وكساء الجسد معاً لا ينفصلان.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق