التخطي إلى المحتوى الرئيسي

الماء ينحت الجبال ويفسح الطريق للمتنزهين في «وادي الديسة» بتبوك


جدة – عمر البدوي 
مشروع «نيوم» الذي أطلقه ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ليس مجرد محل للاستثمارات وبيئة للأعمال ووطن للتقنيات الحديثة، بل هو فرص طبيعية واسعة وفسيحة للاستجمام والاستمتاع، إذ تضم جغرافيا المشروع الضخم مناطق عدة جبلية وتاريخية وغيرها على البحر الأحمر، تتمتع بطبيعة ساحرة وأخاذة.
من ذلك وادي الديسة، أو قراقر، أو وادي دامه، وهو واحد من أهم المرتكزات الطبيعية، لمشروع نيوم، يمتد في وسط وقلب المنطقة. من أجمل أودية تبوك، والذي تفترش أرضيته جداول الماء وأشجار النخيل والأعشاب البرية، ويعتبر فرعاً من فروع وادي داما.تسميته جاءت على قرية الديسة، ويمتاز الوادي بكونه موقعاً طبيعياً فريداً من نوعه، إذ تحيط بجانبيه الجبال والحواف الصخرية الشاهقة والمتعددة الأشكال، نتيجة نحت الماء والهواء في الصخور الرملية للوادي، مشكلاً أعمدة صخرية عالية الارتفاع وعديدة الأشكال.
تقع قرية الديسة في مدخل الوادي الفسيح نسبياً من الجهة الغربية، ويضيق الوادي باتجاه الشرق، وسيلاحظ الزائر لأعلى الوادي عيون المياه تنبجس من صخوره ليجري الماء العذب في جداول عدة تغطي قاع الوادي على امتداده، ويغذي في طريقه أشجار النخيل والحشائش البرية الطويلة التي تنمو بكثافة في الوادي مع بعض الأعشاب العطرية البرية، مثل نبات الحبق البري وبعض أنواع النعناع، كما تنتشر في جنبات الوادي أنواع نخيل الدوم الفريدة بشكلها. يوفر الوادي متعة التنقل بين جنباته المغطاة بالحشائش الطويلة، التي يصل طول بعضها إلى المترين، مع انسياب عدد من جداول الماء من الشرق باتجاه الغرب، وفي شهور الشتاء حيث يحافظ الوادي على دفئه، تقصده العائلات للاستجمام في ظلال نخيله أو بين جداول الماء الصغيرة، ويقصد نبعه في أعلى الوادي هواة التصوير ومحبو الاستكشاف.

ولا تخلو الديسة أو جبال قراقر من الآثار المتعددة، فهناك نقوش ثمودية ونبطية أثرية، موجودة ومكتوبة على جنبات جبال الديسة، إضافة إلى الخط العربي الكوفي، المنسوب إلى العصر الإسلامي الباكر، بخلاف بعض المستوطنات التاريخية الشهيرة، مثل مشيرفة، والسخنة، والمسكونة، وهي مواقع أثرية ماتزال باقية.
ووسط تلك الطبيعة والمزارع المنتشرة تقع بعض شواهد الآثار النبطية في شمال القرية، وهي لقبور حفرت في الأرضية الصخرية، وقبور نبطية أخرى نحتت في صخور الجبال المجاورة، مع بعض منحوتات الأعمدة والأشكال الهندسية ونقوش الخط النبطي والعربي الكوفي.

الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4592914



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...