التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السعوديات والسعوديون على طريق واحد... منصف


جدة – عمر البدوي 
تشهد شوارع السعودية اليوم مشهداً لا سابق له حين تجلس النساء في السيارة، قائدة وليست راكبة، بعد انتظار دام عقوداً، وتُوّج قبل عشرة أشهر بقرار أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز بالسماح للمرأة بقيادة السيارة. وانخرطت آلاف السعوديات والمقيمات خلال الأشهر الماضية في دورات تدريب تؤهلهن لنيل رخص القيادة، تضاف إليهن أُخريات حصلن عليها من خارج المملكة، وأتاحت لهن إدارة المرور استبدالها بأخرى محلية.
وسيصبح 24 حزيران (يونيو) 2018 يوماً فاصلاً في تاريخ المملكة، إذ سيتشارك السعوديون من الجنسين الطريق التي كانت حكراً على الرجال، لولا «الصدمة الإيجابية» التي قادها ولي العهد السعودي، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان وحزمة الإصلاحات الكبيرة التي نقلت البلاد إلى مستوى آخر من تمكين المرأة، وتحقيق المساواة «المنصفة»، وتحريك المياه الراكدة لكثير من الملفات التي بقيت عالقة بين التردد والتأجيل.
وبمجرد صدور القرار، أبدت الجهات المختصة تجاوباً كبيراً وهيأت الظروف لساعة الصفر، إذ فتحت معاهد تعليم القيادة أبوابها لاستقبال الراغبات، ودشن المرور السعودي حملة توعية وتوجيه تستهدف المستخدمات الجديدات، ورحب المجتمع بقطاعاته بالضيف الجديد في الطرق والشوارع السعودية، فيما أعلنت شركة «نجم» التي تتولى التحقيق في الحوادث المرورية قبل يومين، تخريج 40 فتاة سيتولين التحقيق في الحوادث التي يكون أحد طرفيها امرأة، كما أعلنت مصارف وشركات بيع سيارات وتأمين عن حسومات خاصة للنساء اللواتي يرغبن في اقتناء سيارة والتأمين عليها.
إلا أن الخطوة الأهم ربما تكون صدور قانون مكافحة التحرش الذي أقره مجلسا الشورى والوزراء السعوديين على التوالي، لمنع حالات التحرش المتوقعة في حال تطبيق قرار السماح للمرأة بالقيادة.
من المنتظر أن تكون لهذا القرار الذي بدأ تطبيقه اليوم، آثار اقتصادية واجتماعية في السعودية، إذ قد يساعد في الاستغناء عن حوالى 30 في المئة؜ من العمالة الأجنبية التي كانت تعوّض منع المرأة من قيادة السيارة، وتستنزف موازنة الأسرة، وتزيد من الأعباء على كاهلها.
كانت الرحلة طويلة ومليئة بالتحديات قبل أن تتهيأ الظروف للنساء في مشاركة الطريق مع أشقائهن من الرجال، ليطوي هذا القرار مسيرة طويلة من التردد والتجاذبات في هذا الملف، قبل أن يضع مرسوم ملكي حداً له، ويلتفت إلى سواه من الملفات الجادة والمسؤوليات الملحّة التي تنتظر السعودية في شأن المستقبل.

الرابط :
http://www.alhayat.com/article/4588434


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...