دعوا إلى وقف استخدام النخيل و«الواشنطونيا»
لا يتوقف بعض الناشطين على منصات الإعلام الجديد عن نقل حالات من تدمير الغطاء النباتي الشحيح في مدن المملكة ومحافظاتها، إذ تحتفظ مواقع التواصل الاجتماعي بسجل كبير ويتزايد من شواهد مختلفة لعمليات إزالة الشجر والزرع من فرق البلديات وأمانات المدن، مطالبين بوقف هذه التصرفات غير المسؤولة.
المفكر السعودي إبراهيم البليهي دشّن وسماً في هذا الإطار باسم: «#مجزرة_ الشجر»، وهو على رغم اشتغالاته النظرية، لا يكف عن لوم المسؤولين عن نزع الأشجار وإزالتها بأقل قدر من اللامبالاة، داعياً وهو الذي عمل طويلاً رئيساً لإحدى بلديات حائل شمال السعودية إلى وقف هذا النزف.
وتشير هذه الشواهد بطريقة ما إلى تراجع الوعي بأهمية التشجير خلال الفترة السابقة، إذ كثيراً ما يتداول ناشطو مواقع التواصل صوراً للمقارنة بين شارع أو حي ما، كان يتمتع بحد أدنى من صور التشجير، وإذ به فقدها تماماً بفعل عمليات الإزالة أو ضعف الاهتمام، وثمة بعض المبادرات المتميزة التي تحدث اليوم بأدوار رسمية وتطوعية، لكنها تتناقض مع استمرار عمليات الإزالة والاقتلاع.
«الحياة» بدورها بحثت مع بعض المهتمين عن أسباب ذلك وسبل ملافاته مستقبلاً، وتبني مبادرات تعزيز دور وأهمية وقيمة التشجير والمسطحات الخضراء في الأحياء والشوارع والبيوت، إذ إن الكثير من التغريدات التي ترد باستمرار تثبت كم أن شوارع المدن والمحافظات السعودية كانت تتمتع بجوانب من التشجير، فيما نجد الشوارع ذاتها خسرت صورتها القديمة وأصبحت جرداء تماماً من أي ملامح خضراء.
الأكاديمي رئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء عبدالرحمن الصقير قال في حديث لـ «الحياة»: «إن الموضوع ذو أبعاد كثيرة، منها تدني الوعي البيئي بشكل عام نظراً لإغفال هذا الجانب في المدرسة والبيت والمسجد والإعلام، إضافة إلى النقلة الكبيرة التي شهدتها مدن وقرى المملكة وتوافر وسائل التبريد والتدفئة الكهربائية الحديثة بأسعار رخيصة للغاية، فضلاً عن غياب الحس البيئي لدى البلديات والأمانات وتدني الوعي بأهمية الأشجار والتشجير حتى لدى العاملين في إدارات التشجير في الأمانات والبلديات واهتمامهم بالجانب الجمالي على حساب الجانب البيئي في مشاريع التشجير».
وأضاف الصقير: «ارتفاع تعرفة الكهرباء أخيراً، والتزايد المستمر في درجات الحرارة وخصوصاً في المدن الكبيرة نتيجة التوسع العمراني والازدحام وازدياد أعداد المركبات مع جهود تعزيز الوعي البيئي التي يقوم بها المهتمون والناشطون البيئيون، كل ذلك جعل الناس تلتفت مرة أخرى للشجرة، يلتمسون منها الظل والهواء النقي والمنظر المريح للنفس، وهو ما اضطر بعض الأمانات والبلديات ونتيجة الضغط المتواصل ومنذ ثلاثة أعوام من الناشطين البيئيين لترك الأشجار تنمو، وأوقفت العبث بها».
من جهته، اقترح الناشط البيئي أحمد الفلاحي توسيع وترسيخ «التربية البيئية،» ووصفها بأنها عبارة عن طريقة إعداد الإنسان من أجل التّفاعل النّاجح مع البيئة وما تتضمّنه من موارد مُتعدّدة، وذلك من خلال إكسابه المعرفة البيئيّة التي يستطيع من خلالها فهم العلاقات التّبادلية بين الإنسان وعناصر البيئة المُحيطة، والعلاقة ما بين هذه العناصر مع بعضها البعض، إضافة إلى تنمية المهارات الإنسانيّة التي تُسهم في تطوير الظُّروف البيئيّة للأفضل.
وقال لـ «الحياة»: «إنّ التربية البيئيّة هي وسيلةٌ من الوسائل التي تُحقّق أهداف حماية البيئة وصيانتها، وتُشكِّل بُعداً مهمّاً من أبعاد التّربية الشّاملة والمُستديمة لتعديل سلوك الإنسان، وتنميته إيجابياً لإعداده للحياة وتكيفه معها، وتطبيعه اجتماعياً مع وسطه الذي يعيش فيه مع بيئته الطّبيعية جنباً إلى جنب، ويكون مدركاً لكل الاخطار والإشكالات التي تعاني منها البيئة المحلية مثل التصحر وتدهور الغطاء النباتي وانقراض الكثير من النباتات والحيوانات التي تشاطره البيئة نفسها التي يسكنها».
وأضاف الفلاحي: «بفضل الله أصبح لدينا حراك بيئي فاعل اليوم عبر الكثير من الروابط البيئية في جميع مناطق المملكة، والتي تسهم بشكل كبير في تأسيس ثقافة بيئية يواكبها عمل ميداني، وإعداد جيل يعي أهمية التوافق مع البيئة وزيادة الرقعة الخضراء، ويعول على مثل هذه الروابط والمبادرات الكثير في صنع وعي بيئي يستنهض أهمية حماية الموارد الطبيعة ووقف النزف المخيف في استغلال النباتات والحيوانات الفطرية، وتنمية السياحة البيئة في مناطق المملكة بما حباها الله من تنوع بيئي قلما تجد له مثيل في مكان آخر»، مشيداً بما أسماه «جهوداً كبيرة جداً في بعض مدن المملكة، ومنها عنيزة التي تفخر بمتنزه عنيزة الوطني الذي تم تشجيره على مراحل عدة وبمشاركة مختلف أطياف المجتمع».
وفي ما يخص التشجير في المناطق الجافة، أكد الناشط البيئي أنه يجب مراعاة جانب الاستدامة، مشدداً على أنه يلزم الأخذ في الاعتبار طبيعة المنطقة وشح المياه، وهذا يلزم أن ينعكس على طريقة التشجير ونوع الأشجار المستخدمة، وتابع: «هناك نقطة مهمة تدل على نقص الوعي البيئي عند الجهات القائمة على التشجير الحضري (داخل المدن)، وهو استخدام النخيل ونخيل الواشنطونيا كثيراً في التشجير على رغم كثرة المطالبات المبنية على مبررات منطقية بأن النخيل ونخيل الواشنطونيا لا تصلح للتشجير نظراً إلى شراهتها للماء وتدني قيمتها البيئية وحاجتها الكبيرة للصيانة واحتمال أن تكون مستودعاً لآفات زراعية خطرة كسوسة النخيل الحمراء»، مؤكداً أنه حصلت حالات اكتشفت فيها السوسة في نخيل الشوارع وعولجت بسرية وتم التخلص منها.
واستطرد الفلاحي: «من الأفضل التنويع في التشجير وعدم الاقتصار على نوع أو نوعين، وتشجيع استخدام الأنواع المحلية قدر الإمكان والالتفات للشوارع الفرعية والأحياء وتشجيع المواطنين على زراعة الأشجار الملائمة والعناية بها».
الرابط :
لا يتوقف بعض الناشطين على منصات الإعلام الجديد عن نقل حالات من تدمير الغطاء النباتي الشحيح في مدن المملكة ومحافظاتها، إذ تحتفظ مواقع التواصل الاجتماعي بسجل كبير ويتزايد من شواهد مختلفة لعمليات إزالة الشجر والزرع من فرق البلديات وأمانات المدن، مطالبين بوقف هذه التصرفات غير المسؤولة.
المفكر السعودي إبراهيم البليهي دشّن وسماً في هذا الإطار باسم: «#مجزرة_ الشجر»، وهو على رغم اشتغالاته النظرية، لا يكف عن لوم المسؤولين عن نزع الأشجار وإزالتها بأقل قدر من اللامبالاة، داعياً وهو الذي عمل طويلاً رئيساً لإحدى بلديات حائل شمال السعودية إلى وقف هذا النزف.وتشير هذه الشواهد بطريقة ما إلى تراجع الوعي بأهمية التشجير خلال الفترة السابقة، إذ كثيراً ما يتداول ناشطو مواقع التواصل صوراً للمقارنة بين شارع أو حي ما، كان يتمتع بحد أدنى من صور التشجير، وإذ به فقدها تماماً بفعل عمليات الإزالة أو ضعف الاهتمام، وثمة بعض المبادرات المتميزة التي تحدث اليوم بأدوار رسمية وتطوعية، لكنها تتناقض مع استمرار عمليات الإزالة والاقتلاع.
«الحياة» بدورها بحثت مع بعض المهتمين عن أسباب ذلك وسبل ملافاته مستقبلاً، وتبني مبادرات تعزيز دور وأهمية وقيمة التشجير والمسطحات الخضراء في الأحياء والشوارع والبيوت، إذ إن الكثير من التغريدات التي ترد باستمرار تثبت كم أن شوارع المدن والمحافظات السعودية كانت تتمتع بجوانب من التشجير، فيما نجد الشوارع ذاتها خسرت صورتها القديمة وأصبحت جرداء تماماً من أي ملامح خضراء.
الأكاديمي رئيس مجلس إدارة جمعية آفاق خضراء عبدالرحمن الصقير قال في حديث لـ «الحياة»: «إن الموضوع ذو أبعاد كثيرة، منها تدني الوعي البيئي بشكل عام نظراً لإغفال هذا الجانب في المدرسة والبيت والمسجد والإعلام، إضافة إلى النقلة الكبيرة التي شهدتها مدن وقرى المملكة وتوافر وسائل التبريد والتدفئة الكهربائية الحديثة بأسعار رخيصة للغاية، فضلاً عن غياب الحس البيئي لدى البلديات والأمانات وتدني الوعي بأهمية الأشجار والتشجير حتى لدى العاملين في إدارات التشجير في الأمانات والبلديات واهتمامهم بالجانب الجمالي على حساب الجانب البيئي في مشاريع التشجير».
وأضاف الصقير: «ارتفاع تعرفة الكهرباء أخيراً، والتزايد المستمر في درجات الحرارة وخصوصاً في المدن الكبيرة نتيجة التوسع العمراني والازدحام وازدياد أعداد المركبات مع جهود تعزيز الوعي البيئي التي يقوم بها المهتمون والناشطون البيئيون، كل ذلك جعل الناس تلتفت مرة أخرى للشجرة، يلتمسون منها الظل والهواء النقي والمنظر المريح للنفس، وهو ما اضطر بعض الأمانات والبلديات ونتيجة الضغط المتواصل ومنذ ثلاثة أعوام من الناشطين البيئيين لترك الأشجار تنمو، وأوقفت العبث بها».
من جهته، اقترح الناشط البيئي أحمد الفلاحي توسيع وترسيخ «التربية البيئية،» ووصفها بأنها عبارة عن طريقة إعداد الإنسان من أجل التّفاعل النّاجح مع البيئة وما تتضمّنه من موارد مُتعدّدة، وذلك من خلال إكسابه المعرفة البيئيّة التي يستطيع من خلالها فهم العلاقات التّبادلية بين الإنسان وعناصر البيئة المُحيطة، والعلاقة ما بين هذه العناصر مع بعضها البعض، إضافة إلى تنمية المهارات الإنسانيّة التي تُسهم في تطوير الظُّروف البيئيّة للأفضل.
وقال لـ «الحياة»: «إنّ التربية البيئيّة هي وسيلةٌ من الوسائل التي تُحقّق أهداف حماية البيئة وصيانتها، وتُشكِّل بُعداً مهمّاً من أبعاد التّربية الشّاملة والمُستديمة لتعديل سلوك الإنسان، وتنميته إيجابياً لإعداده للحياة وتكيفه معها، وتطبيعه اجتماعياً مع وسطه الذي يعيش فيه مع بيئته الطّبيعية جنباً إلى جنب، ويكون مدركاً لكل الاخطار والإشكالات التي تعاني منها البيئة المحلية مثل التصحر وتدهور الغطاء النباتي وانقراض الكثير من النباتات والحيوانات التي تشاطره البيئة نفسها التي يسكنها».
وأضاف الفلاحي: «بفضل الله أصبح لدينا حراك بيئي فاعل اليوم عبر الكثير من الروابط البيئية في جميع مناطق المملكة، والتي تسهم بشكل كبير في تأسيس ثقافة بيئية يواكبها عمل ميداني، وإعداد جيل يعي أهمية التوافق مع البيئة وزيادة الرقعة الخضراء، ويعول على مثل هذه الروابط والمبادرات الكثير في صنع وعي بيئي يستنهض أهمية حماية الموارد الطبيعة ووقف النزف المخيف في استغلال النباتات والحيوانات الفطرية، وتنمية السياحة البيئة في مناطق المملكة بما حباها الله من تنوع بيئي قلما تجد له مثيل في مكان آخر»، مشيداً بما أسماه «جهوداً كبيرة جداً في بعض مدن المملكة، ومنها عنيزة التي تفخر بمتنزه عنيزة الوطني الذي تم تشجيره على مراحل عدة وبمشاركة مختلف أطياف المجتمع».
وفي ما يخص التشجير في المناطق الجافة، أكد الناشط البيئي أنه يجب مراعاة جانب الاستدامة، مشدداً على أنه يلزم الأخذ في الاعتبار طبيعة المنطقة وشح المياه، وهذا يلزم أن ينعكس على طريقة التشجير ونوع الأشجار المستخدمة، وتابع: «هناك نقطة مهمة تدل على نقص الوعي البيئي عند الجهات القائمة على التشجير الحضري (داخل المدن)، وهو استخدام النخيل ونخيل الواشنطونيا كثيراً في التشجير على رغم كثرة المطالبات المبنية على مبررات منطقية بأن النخيل ونخيل الواشنطونيا لا تصلح للتشجير نظراً إلى شراهتها للماء وتدني قيمتها البيئية وحاجتها الكبيرة للصيانة واحتمال أن تكون مستودعاً لآفات زراعية خطرة كسوسة النخيل الحمراء»، مؤكداً أنه حصلت حالات اكتشفت فيها السوسة في نخيل الشوارع وعولجت بسرية وتم التخلص منها.
واستطرد الفلاحي: «من الأفضل التنويع في التشجير وعدم الاقتصار على نوع أو نوعين، وتشجيع استخدام الأنواع المحلية قدر الإمكان والالتفات للشوارع الفرعية والأحياء وتشجيع المواطنين على زراعة الأشجار الملائمة والعناية بها».
تعليقات
إرسال تعليق