جدة - عمر البدوي
في رحلة الكشف عن تفاصيل رؤية المملكة ٢٠٣٠، خاض الأمير محمد بن سلمان في كل فرصة من شأنها أن تقدم المشروع إلى الشعب بجميع أطيافه واهتماماته، بما يساعد في تحريك كل الوسائط وتنشيط كل الإمكانات وتوجيهها في مصب تحقيق الرؤية ونشدان الغاية. فمن حوارات صحافية مع وكالات غربية شهيرة، إلى لقاء تلفزيوني كسر غياب الأمير محمد عن الحضور الإعلامي المحلي، إلى مؤتمر صحافي تعرض فيه لأسئلة ماطرة من الصحافيين لإضاءة المناطق المعتمة، انتهاء بجلسة شفافية دعي إليها طيف واسع من المهتمين بما يفوق توقع أكثر الناس رحابة واستطاعة على التصور والاستيعاب.
إذ يبدو وكأن القيّمين على الرؤية ينوون بلا شك تجاوز حقبة من التباعد الفكري وتنائي التيارات، الذي حفلت به الساحة الأدبية والفكرية منذ عقود، وكسا المشهد قبل أن تضمهم «جلسة الصراحة»، كما سمتها بعض وسائل الإعلام المحلية. خلال اللقاء انخفضت حدة الخلافات، التي كانت مستعرة ومتعارف عليها بين تيارات متخيلة، أسهمت شبكات التواصل في إذكائها إلى درجة جعلتها غير قابلة لأي نوع من التوافق أو التلاقي، ولكن المجلس، الذي جمعهم لاستيضاح رؤية المملكة وتبادل الآراء في شأنها، يبدو وكأنه أطفأ الرغبة في التمايز أو التنابز. كانت الانطباعات، التي انتهت بها الجلسة في عمومها إيجابية وتستبشر بمستقبل البلاد الاقتصادي في ظل شمول الرؤية لكل الجوانب المحركة للمستقبل.
الجلسة الخاصة، التي عقدها ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان مع عدد من المشايخ والدعاة والمفكرين والإعلاميين بعد إعلانه رؤية المملكة 2030، سادها جو من التفاؤل وروح المحبة والمودة وسط شفافية وصراحة من ولي ولي العهد في الحديث عن الخطة المستقبلية، مجيباً على أسئلة الحضور في اللقاء الذي امتد أكثر من ساعتين. وسجل بعض الحضور انطباعات إيجابية عبر حساباتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، ونشروا صورهم، التي التقطت بمعية الأمير، وأثارت الصور اهتمام الناشطين، ولا سيما أن بعضها جمع بعض المتباينين في الفكر والرأي، وحفلت الساحات الافتراضية بمنازلاتهم قبل أن تضمهم جلسة واحدة تذوب كل احتمالات الفرقة والشقاق.
وحفلت بعض التغريدات ببعض العبارات التي توحي بانتماءات أصحابها الفكرية والوظيفية واهتماماتهم المتعددة، إذ وصفه محمد العريفي بالاجتماع المفيد، بينما علق عبدالعزبز الريس بأنه «جمع بين الحماسة للنمو والتقدم، مع الثبات على الأصول الدينية السلفية». بينما قال خالد العلكمي عن حديث الجلسة إنه «شفاف جريء ويبعث على التفاؤل، ويبقى التحدي في التنفيذ».
وغرد الإعلامي صلاح الغيدان: «حضرت اليوم لقاء بعيد عن الإعلام مع الأمير محمد بن سلمان ونخبة من المجتمع السعودي، لقاء تمتع بوضوح ورؤية ومنطق وشفافية ومعنويات عالية جداً».
تعتمد الرؤية «الثقافة والترفية» واحداً من محاورها الركيزية، وهي كلمة فضفاضة ربما شملت كل المناطق المتاحة والأخرى الحساسة، التي كانت مدار نقاش وخلاف ما يفترض بأنها تيارات، ولا يمكن الجزم إذا كانت الرؤية في جانبها التطبيقي ستكون قادرة على تجاوز هذه الخلافات.
كان «التصنيف» الحاد واحداً من ملامح مشهد الحراك الفكري والثقافي للمجتمع، وهو ما انعكس على تأزيم الكثير من الملفات وتقويمها بشكل موضوعي ومنصف، وربما أعاق الجدل تسريع البت في قضايا من شأنها أن تحل إشكالات قائمة لولا الخشية من أثر الجدل في الواقع. وربما استطاعت الرؤية أن تضم المختلفين تحت مظلة المشروع الوطني الواحد، إذ كان غيابه مؤسساً على هذا النحو، فضلاً على الإيحاء بتفضيل طرف على آخر في المهمات الوطنية والقيادية، أسهم في إلهاب الوسط الثقافي والفكري وتشققه، غير أن هذا الشمول لأطياف المجتمع من دون تغييب أحد ربما ساعد في خفض مشاعر النقمة وخفف حدة التوتر التبادلي.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق