جدة – عمر البدوي
يمضي عبدالله أول اختباراته هذا الفصل في وضع جديد يعيشه اجتماعياً، بعد انفصال والديه قبل شهرين، فهو لا يستطيع التركيز بشكل جيد، ويشكو من بيئة المنزل «المتصدعة»، وغير المهيأة للدراسة على رغم مصيرية هذا الفصل الذي يطل من خلاله على المستقبل المنتظر، فهو يدرس في الصف الثالث الثانوي.
وتحاول والدته، وبدافع من أمومتها، أن تسد ثغرة هذه الظروف المتعثرة، ولكنها سرعان ما تغرق في البكاء والانسحاب من الغرفة، لمجرد أن تتذكر واقع الحال.
ولم يتلق عبدالله أي اهتمام أو جلسات مع المرشد الطلابي في مدرسته، ولا سيما أنه استدعي غير مرة خلال الأيام القليلة الماضية من إدارة المدرسة، لمناقشة تغيبه المستمر وتأخره عن وقت الدوام الرسمي.
ويكاد يغيب دور المرشد الطلابي في المدارس إلى حد كبير وبشكل عام، ويصبح الغياب أكثر سوءاً ووضوحاً خلال فترة الاختبارات التي تتطلب جهداً مضاعفاً، لمساعدة الطلاب على إنجاز اختباراتهم بشكل أفضل، وتحقيق نتائج مرضية أو رائعة، في حال أسهب أحد في التفاؤل.
ويكتفي المرشد في الواقع قبل انطلاق الاختبارات بالمشاركة في ترتيب الجداول وتوزيعها، وزيارة الطلاب في الفصول لسرد مجموعة من التوجيهات والنصائح الروتينية للطلاب، والتي تضل طريقها عند التنفيذ.
ويحاول المرشد على عجل تنفيذ واحدة من مهامه النظامية بتهيئة الطلاب للاختبارات، ليس منها مراعاة الحالات الفردية ومتابعتها بعناية، على رغم أنه جزء أصيل من مسؤولياته، تزيد فعاليته خلال فترة الاختبارات التي يواجهها الطلاب في أحيان كثيرة وعلى عاتقهم إشكالات اجتماعية خانقة، يتورع المرشد عن مواجهتها وتحمل أعبائها، وبعيداً عن فرص محاسبة الأداء بقي الأمر معلقاً على أمانة المرشد وإيمانه بالدور الذي يتبناه.
وتقع وظيفة المرشد الطلابي في إطار الوظائف المريحة، التي يختارها بعض الأفراد بقصد طلاق المتاعب التي يتجشمها المعلم عادة في أداء الدروس ومتابعة الطلاب، ومن جهة، تغرق وظيفة المرشد في بيروقراطية كبيرة وتكتفي بتوقيع الأوراق وتنفيذ بحت للإجراءات والتعامل مع الحالات بحسب السقف المنصوص في أدواره الوظيفية، من دون إبداء لمسة شخصية أو تفانٍ يحقق ثمرة عمله، إلا في حالات نادرة. وخلال فترة الاختبارات التي يفترض أن تكون مسرحاً ثرياً للمرشد الطلابي، يغيب دوره الاجتماعي الكبير في زحمة انشغالاته الإدارية والأعباء التعويضية التي يقوم بها نيابة عن زملائه أو مشاركته لهم في توزيع الجدول ومتابعة لجان المراقبة والتصحيح والرصد، بينما يغرق الطلاب في تحدياتهم الاجتماعية بمفردهم من دون دور حقيقي للمرشد.
وتحذّر إدارات التعليم في المناطق والمحافظات، عبر تعميمات متكررة، من إشغال المرشد الطلابي أثناء سير الاختبارات، مشددة على عدم وضعه في جدول الملاحظات اليومي، وأن دوره الأساس هو معالجة الحالات التي تجبره على التدخل، مشيرة إلى أن دور المرشد يتمثل في «إخراج الطالب من القلق النفسي، ومتابعة المتأخرين وإيجاد الحلول وتذليل ظروف الطالب، والتدخل في بعض القضايا التي تستوجب تدخله، ولكن الاستجابة ضعيفة ومتواضعة في كثير من الحالات».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق