التخطي إلى المحتوى الرئيسي

السعودية تتذكر ماضيها .. لتستعيد «وهج» التراث الديني


جدة - عمر البدوي 

بعد أن رخصت الهيئة العامة للسياحة والتراث الوطني بالعاصمة المقدسة، بناء أربعة متاحف خاصة في مكة المكرمة، بعد استكمالها جميع الشروط والمتطلبات الخاصة، وهي: متحف السلام عليك أيها النبي، ومتحف الدينار الإسلامي، ومتحف التراث الإنساني، ومتحف العمودي، بينما يجري العمل على ترخيص متحفين آخرين، عادت قيمة التراث إلى أنظار المجتمع كعمق ديني لا يستهان به.
ويأتي اهتمام الهيئة بالمتاحف الخاصة في إطار اهتمام الدولة بالآثار والبعد الحضاري للسعودية ضمن مرحلة التحول الوطني التي تم إعلانها أخيراً، مما سيسهم في تحقيق نقلة نوعية لهذه المتاحف وطرق العرض المتحفية بها والاحتفاظ بمقتنايتها.
بعد شد وجذب، له أسبابه الثقافية والدينية، أصبحت الآثار السعودية محل اهتمام وزال خطر اندثارها وانمحائها بعد أن غدت في قلب عناية الدولة وتفكيرها عبر مؤسسة معنية بالأمر تجد كل الدعم والرعاية، لاسيما بعد تولي الأمير سلطان بن سلمان زمام الأمور، الذي وجد دعماً منقطع النظير من الملك الراحل عبدالله بن عبدالعزيز، وترجم ذلك في برنامج يحمل اسمه للعناية بالتراث الحضاري، قبل أن يستمر هذا الدعم ويتضاعف مع تولي الملك سلمان لمقاليد الحكم، وهو العارف بالتراث والمغروم به، ويهتم بتحقيق الحماية والمعرفة والوعي والاهتمام والتأهيل والتنمية بمكونات التراث الثقافي الوطني، وجعله جزءاً من حياة وذاكرة المواطن، والتأكيد على الاعتزاز به وتفعيله ضمن الثقافة اليومية للمجتمع، وربط المواطن بوطنه عبر جعل التراث عنصراً معاشاً، وتحقيق نقله نوعية في العناية به.
رسالته تحقيق نقلة نوعية في العناية بآثار المملكة ومتاحفها وحرفها اليدوية وتراثها العمراني، وتأهيله بما يسهم في التنمية الاقتصادية الشاملة وبناء ذاكرة وطنية تعتز بالبعد الحضاري للمملكة، وتعزيز الارتباط بين المواطن وموروث وطنه الحضاري، وتحقيق المعرفة والتوعية بهذه المكونات، والاستفادة منها عبر مشاريع ملموسة على أرض الواقع.
ويتم العمل في برنامج خادم الحرمين الشريفين للعناية بالتراث الحضاري للمملكة من خلال عشرة مسارات، وهي العناية بمواقع التاريخ الإسلامي، وإنشاء وتأهيل وتجهيز المتاحف والمواقع الأثرية في المناطق والمحافظات، والتشغيل والصيانة للمتاحف والمواقع الأثرية، والمحافظة على مواقع التراث العمراني وتنمية القرى التراثية، وتسجيل وحماية الآثار والبحث والتنقيب الأثري، وبرامج وأنشطة المتاحف والمواقع الأثرية، وتنمية الحرف والصناعات اليدوية.
واجه الاهتمام بالتراث معاناة من نوع خاص، جانب من التفكير الثقافي الممزوج بوجاهة دينية متشددة تقف موقفاً حاداً تجاه السعي للاهتمام بالتراث، ولكن الحملة التي قادتها هيئة السياحة والتراث الوطني لتفكيك مناطق التشابك في هذا الفهم، وتبديد سحب الشك والريبة ساعد في حلحلة الموضوع، ولقي السعي تأييداً ودعماً من هيئة كبار العلماء السعودية عبر الزيارات التفاهمية التي كان يكررها الأمير سلطان بن سلمان لمحل عمل الهيئة، مما ساعد في انطلاق المشروع الذي يحفظ للأجيال فرصك التعرف على ماضيها.
وفوق ما لهذا السعي من مكاسب تاريخية وإحيائية تشحذ الثقافة الوطنية وتدعم تماسكها، فإن له مردوداً اقتصادياً وسياحياً مؤثراً، إذ غدت بعض المناطق التراثية محل جذب واستثمار مهم وتغص بالزوار والمتجولين وهي التي كانت قبل وقت قصير في خانة الإهمال والازدراء. وكان الملك سلمان بن عبدالعزيز زار متحف قصر المصمك التاريخي وتجول ومرافقوه في أرجاء القصر، كما اطلع على العروض المتحفية التي تم تطويرها من الهيئة، وقال: «اقرأوا تاريخ آبائكم، زوروا هذا المتحف، زوروا المصمك ومعالم هذه البلاد القديمة وما نحن فيه الآن، ويجب أن نحمد الله على ما نحن فيه، ويجب أن يعرف شبابنا كيف تكونت هذه الوحدة المبنية على العقيدة الإسلامية، وحدة عربية إسلامية والحمد لله».


الرابط :

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«تتبع الحجارة» عنوان 100 يوم من الفن المعاصر في بينالي الدرعية

السعودية تشهد اليوم واحدة من أكبر المناسبات الفنية العالمية   السبت - 7 جمادى الأولى 1443 هـ - 11 ديسمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15719] الرياض: عمر البدوي أصبح حي جاكس جاهزاً لانطلاق الدورة الأولى من بينالي الدرعية للفن المعاصر، واستقبال المتطلعين لزيارة واحدة من أكبر المناسبات الفنّية العالمية، ابتداءً من اليوم (السبت)، حتى 11 مارس (آذار) المقبل، وهو أول بينالي دولي يتطرق لموضوعات وأشكال الفن المعاصر في السعودية، ويعرض أعمالاً لفنانين عالميين ومحليين، مع مجموعة من الورش الثقافية والتجارب الممتعة. يأتي بينالي الدرعية، كتجربة استثنائية، ومنصة إبداعية تمتد لمائة يوم، تكشف جوهر الفنون السعودية بمختلف أنماطها، وتُفسح للفنانين مساحات للحوار وإثراء تجاربهم، لتعزيز المشهد الثقافي والفني، وتمكين المواهب المحلية، واستقطاب مجموعات الفنانين الدوليين لإغناء الحدث الفني المهم. وقال راكان الطوق، المشرف على الشـــؤون الثقافية والعلاقات الدولية في وزارة الثقافــــة الســـــعودية، إن استضافة المملكة لأول بينالي للفن المعاصر، يعدّ إنجازاً استثنائياً، وإن أهميته تأتي من كونــــه نقطة التقــــــاء للعالم،...