التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«معارض الكتاب» تشكل حراكاً ثقافياً شديد المنافسة في السعودية


آخر تحديث: الخميس، ١٤ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش){ جدة - عمر البدوي 

< تشهد معارض الكتاب التي تنظم في السعودية، خصوصاً الدوليين بمدينتي جدة والرياض إقبالاً كبيراً ومنقطع النظير، حتى شكلت حالة ثقافية منافسة في العالم العربي، وأصبحت وجهة مغرية لدور النشر وصناع الكتاب، إذ يحققون عبرها فرصاً كبيرة للكسب والالتقاء بمتتبعي نتاجهم من القراء والمهتمين.
ولا تكون الكثافة التي تشهدها أيام معارض الكتاب مجرد حب للفضول تدفعه الرغبة في إضاعة الوقت وملء الفراغ، بل هي اتصال حقيقي بفعل القراءة بوصفها زاداً للعلم والمعرفة والتأثير، إذ أصبحت القراءة واحدة من العادات الاجتماعية المفضلة لدى قطاع واسع من الشباب.
عويد السبيعي شاب سعودي يحث في كل المناسبات والمنصات التي أتاحت له فرصة الحديث على فعل القراءة، أسس مجموعته الخاصة لدعم عادة القراءة لدى المجتمع، وقد أصبح يلمس استجابة حقيقية مع الوقت من الشباب، إذ زادت رقعة القناعة بها أسلوب حياة فاعل ومؤثر في بناء الشخصية وتمكين الفرد من فرص النجاح.
يعتقد البعض أنه ليس من الضروري أن تكون القراءة فعلاً عاماً، خصوصاً في هذا الوقت المبكر، ولكنها وفي ظل الفرص المبشرة التي تفتح أبوابها كل مرة لزيادة شعبية هذه العادة، ستصبح قريباً جزءاً من تقاليد المجتمع الراسخة.
مجتمع سعودي شاب، يومض المستقبل له بالكثير من الفرص الثمينة، التي تتطلب كفاءات ناضجة تملك معرفة واعية وشاملة، حتى تتحمل مسؤولية أدوار المستقبل الذي ينتظرها، وتزيد القناعة بدور القراءة في إعداد الشباب وتمكينه من أدوات النجاح.
هذا ما يقول به الشاب علي الحضريتي وهو طالب جامعي في تخصص اللغة العربية، قرأ خلال المرحلة الثانوية عشرات الكتب في الأدب والتاريخ والثقافة العامة، قضى الكثير من الوقت في مراهقته منكباً على الكتب والمجلدات في مكتبة المنزل التي كونها والده منذ سنين، وقد كانت ملاذه الدائم الذي كان يفضله على الخروج مع أصدقائه خارج المنزل.
يقول إنه لمس الأثر الإيجابي لما يسميه بأيام الجلَد، عندما كان يفضل البقاء في البيت وقراءة الكتب على الخروج مع أصدقائه، لقد أصبح المنهج الجامعي الآن بالنسبة له أمراً محفزاً، إذ يكاد يحيط بتفاصيل التخصص الذي اختاره حباً وشغفاً به، ويراهن أن مرحلة الشباب هي أفضل المراحل للقراءة، إذ يصبح الإنسان أقرب للنضج وخالياً من الهموم والانشغالات.

وتعمل معارض الكتب على إذكاء هذه العادة لدى المجتمع، وتضم تحت سقف واحد أغلب المهتمين بهذه الصناعة، إذ يسافر أحمد طابعجي القارئ النهم إلى كل مكان للاستزادة من مثل هذه المعارض، وهو واحد من أشهر نجوم السوشل ميديا في الدعوة إلى القراءة، ويملك برنامجاً على إحدى المحطات العربية، يتناول فيه كل مرة كتاباً ويلخصه ويحث على اقتنائه، كما يملك متجراً مميزاً لبيع الكتب وتداولها، يستفيد من معارض الكتب للتعريف بمشروعه ومواصلة دعوته إلى أهمية القراءة وقيمتها في نفوس الشباب.



الرابط :


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...