التخطي إلى المحتوى الرئيسي

أبوبكر سالم يترجل ويترك «البلاد تواصل»


آخر تحديث: الإثنين، ١١ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

< «تعبت مني المطارات.. تعبت مني المسافات.. أنا بكل المدن مريت.. وأنا من غربتي مليت»، هذه الكلمات التي يتردد صداها بعبق التاريخ من أنفاس لم يغيبها المرض، الذي لازم من صدح بها خلال سنوات عمره الأخيرة، وبقي حاضراً مذكوراً باسمه ورسمه، كنزه الفني طاغٍ في كل المناسبات بلا توقف، إذ ادخر لها كثيراً من الفن الأصيل، الذي قدمه في مشواره الفني العريض.
لكن الموت غيّب الفنان أبوبكر سالم بلفقيه هذه المرة، عن عمر ناهز الـ78 عاماً، بعد معاناة طويلة مع المرض، تنقل فيها بين مستشفيات المملكة وألمانيا وعدد من المدن الأوروبية. وطوى تاريخ سالم الكبير متنقلاً بين المغني والمؤلف الموسيقي والشاعر، وكان برع في كل هذه الفنون والمجالات التي اختار العمل فيها.
أبوبكر سالم مغنٍّ وملحن وشاعر وأديب سعودي، ولد في آذار (مارس) 1939 من أصول حضرمية، وانتقل إلى السعودية منذ سبعينات القرن الماضي، وعاش متنقلاً بين جدة وعدن وبيروت والقاهرة، إلى أن استقر في الرياض العاصمة التي أحبها.
تميز الفنان أبوبكر سالم بلفقيه بثقافة عالية انعكست وعياً فنياً واسعاً في تجربته الطويلة، كما امتاز بعذوبة صوته، وتعدد طبقاته بين القرار والجواب، وبالقدرة على استبطان النص وجدانياً بأبعاده المختلفة فرحاً وحزناً، كما امتاز بقدرته على أداء الألوان الغنائية المختلفة، فإلى جانب إجادته الأغنيتين الحضرمية والعدنية، أجاد الغناء الصنعاني، الذي بدأ يمارسه منذ بداياته الفنية.
أثرى الأغنية السعودية بمئات الأعمال الفنية الراقية، على رأسها أغنيته الوطنية «يا بلادي واصلي»، وحصل خلال مسيرته الفنية على عدد من الأوسمة والجوائز والتكريمات الفنية.
وفي حين كان يصارع المرض، كان يحيط به محبوه وهو يتجه صوب الجمهور، الذي طال ما غنى له واقفاً على خشبات المسارح، ولكنه هذه المرة لم يقوَ، فبادل الجمهور بالدموع لحظة لم تسعفه الظروف ليكمل أغنيته «يا بلادي واصلي»، عندما كرمته هيئة الرياضة أخيراً في الحفلة، التي أقيمت في الصالة المغلقة بملعب مدينة الملك عبدالله، في حضور عمالقة الفن السعودي.
ودع سالم المسرح يومها، محفوفاً بالتصفيق الحار من جمهور المسرح، لكنه يودعهم اليوم مغادراً الحياة، التي طالما نظر إليها بمثابة مسرح كبير، محاطاً بدعوات محبيه بالرحمة والمغفرة، في حين تعبق أغنياته في ألبوم تاريخه الفني، وهي تردد صدى كلمات أغنياته المعروفة والخالدة.



الرابط :



تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

السعوديون يحتفون بالذكرى السابعة لبيعة الملك سلمان

خادم الحرمين رافق مراحل التنمية على مدى 60 عاماً   الاثنين - 3 شهر ربيع الثاني 1443 هـ - 08 نوفمبر 2021 مـ رقم العدد [ 15686] الرياض: عمر البدوي وبندر مسلم يحتفي السعوديون اليوم بالذكرى السابعة لتولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد الحكم في 23 يناير (كانون الثاني) الموافق (3 ربيع الثاني 1436هــ) ومبايعته ملكاً للبلاد، ورائداً لمرحلة جديدة تخوضها السعودية منذ وصوله قبل ٧ سنوات، كسابع ملوك المملكة بعد إعلان توحيدها عام 1932. الملك سلمان بن عبد العزيز الذي رافق مراحل مفصلية من عمر البلاد، اختبر خلالها المفاصل التاريخية التي آلت بالسعودية إلى ما هي عليه اليوم من تنمية وازدهار، ومن موقعه سابقاً، حيث كان أميراً لمنطقة الرياض لأكثر من خمسة عقود وتسميته أميراً لها عام 1955 وهو في عقده الثاني من العمر، راقب البلاد وهي تنمو. حتى أصبح قائداً للبلاد، وشاهداً على نهضتها الجديدة، في مختلف الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتنموية والتنظيمية، والأعمال والمشاريع والمبادرات السريعة والمتلاحقة على المستويين التنموي والاجتماعي، والتي أضحت بفضلها السعودية منافساً تلقائي...

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...