التخطي إلى المحتوى الرئيسي

«الفنون» تدخل عهداً جديداً في السعودية


آخر تحديث: السبت، ٢٣ ديسمبر/ كانون الأول ٢٠١٧ (٠٠:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي 

عبر الفنان الجزائري الشاب خالد عن غبطته بإحياء واحدة من أهم الحفلات في السعودية، مشيراً إلى أنه أُخذ بالجمهور الضخم الذي حضر حفلته وناهز عدده الـ١٠ آلاف شاب، رددوا أغانيه وتفاعلوا مع موسيقاه. وأبدى سعادته بالكم الكبير من متابعي الفنون ومتذوقيها في السعودية.
الأمر ذاته تكرر في حفلات الموسيقار العالمي ياني كريسماليس الذي أحيا وفرقته 4 حفلات موسيقية في السعودية، وكذلك «أمسية وتر» التي جمعت الجمهور بفرقة الرحباني، وكان الجمهور حاشداً في المناسبتين.
إنها سعودية جديدة ترتاح من أعباء الماضي القريب الذي كان يعزلها عن محيطها، وتتطلع إلى مستقبل مختلف، زاهر بالفنون عموماً وبقية مجالات الحياة والترفيه التي تجد لها جمهورها ومتذوقيها في المجتمع السعودي.
وتتوالى القرارات التي تصب ضمن إطار اتساع الرؤية، في اتجاه تبني النشاط الفني بأشكاله كافة، منذ توافد الجماهير من أنحاء المملكة على إستاد الجوهرة في محافظة جدة لحضور حفلة الفنان محمد عبده، لتبدأ سلسلة من مناسبات عودة الفن السعودي المهاجر في العواصم الخليجية والعربية إلى وطنه الأم ومسقط رأس أشهر فناني العرب ومطربيهم.
كانت المعارض الفنية تقام وتنظم بعيداً من الأضواء، تتبناها مبادرات فردية تبقي جذوتها مشتعلة، قبل أن تشملها رعاية الدولة. واحتلت الثقافة والفنون بمعناها الشامل، موقعاً محورياً في رؤية «السعودية 2030»، التي تتحدث بوضوح عن النهوض بصناعة الترفيه لتكون جزءاً رئيساً من اقتصاد المملكة.
وتستهدف الرؤية النهوض بأيقونات الفن، مثل المسرح والسينما والموسيقى والتشكيل وبقية الفنون، إضافة إلى المتاحف ومدن الألعاب باختلاف أنواعها. ويتم تأسيس أرضية إجرائية قانونية تساعد المستثمرين وتضمن دورة المال، وتكون النواة الصلبة لانطلاق الفن صناعةً حقيقية خارج طور الهواية والارتجال.
وتحققت للفن نقلة نوعية بإعلان القرار الذي طال انتظاره، عن مجلس إدارة الهيئة العامة للمرئي والمسموع برئاسة وزير الثقافة والإعلام عواد بن صالح العواد أخيراً، بإصدار تراخيص للراغبين في فتح دور للعرض السينمائي في المملكة.
ومن المقرر البدء بمنح التراخيص بعد الانتهاء من إعداد اللوائح الخاصة بتنظيم عروض مرئية ومسموعة في الأماكن العامة خلال مدة قريبة لا تتجاوز الثلاثة أشهر، فيما يبث المهتمون بشؤون السينما السعودية منذ إعلان القرار، مقاطع فيديو تتضمن مشاهد لتجهيز إحدى قاعات عروض السينما، في حضور مجموعات من الخبراء والعمال، بما يشبه خلية نحل تعمل بدأب لإنجاز القاعة في وقت قياسي.
وساهم النجم العالمي جون ترافولتا، الذي حضر إلى الرياض أخيراً، في إنهاض آمال المهتمين والشغوفين إلى أقصى حد، بكشفه عن مشاورات للدخول في شراكة مع المعنيين بصناعة الترفيه في السعودية، مبدياً تطلعه إلى إنتاج مشروع سينمائي مشترك، واعداً الجمهور بمشاهدة فيلمه المقبل في صالات السينما السعودية.
وتبدو ملامح عهد زاهر للفنون في السعودية مكتملة الآن، بعد مرور سنة واحدة فقط على انطلاق أعمال هيئة الترفيه الحكومية وتحقيقها نتائج مرضية لتطلعات المجتمع السعودي الذي بات بإمكانه -على ما يبدو- الاستغناء عن مغادرة بلاده للاستمتاع بالمواهب، في حين توافرت لديه كل الخيارات التي ترضي اهتماماته وأذواقه. وينتظر من وزارة الثقافة والإعلام أن تلعب دوراً مسانداً هذه المهمة في توفير متطلبات لكل ما يقع في محيط مسؤولياتها، كالمسرح والفنون التشكيلية والفوتوغرافية.



الرابط :




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...