آخر تحديث: الأربعاء، ٢٠ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة - عمر البدوي
< قال المستشار الإعلامي الرئيس السابق لمجلس إدارة الجمعية السعودية للثقافة والفنون سلطان البازعي إن الفن والثقافة «يعيشان أفضل مراحلهما الآن في السعودية، بعد عزلة دامت عقوداً، والقادم أجمل، فالأجيال الجديدة تحمل طاقة إبداعية كبرى سترى النور قريباً»، مشيراً إلى أن «المجمع الملكي للفنون» يعد أحد برامج التحول الوطني «التي أصبحت منذ إقرارها التزاماً ملزماً للمؤسسات التي قدمتها، وهي هنا وزارة الثقافة والإعلام، بأن تظهر بحلول العام 2020، وأنا شخصياً أتمنى أن يقوم المجمع، حتى قبل أن ينشأ مقره، مثل هذا المشروع يحتاج إلى عمل تأسيسي كبير يتعدى مسألة تصميم وإنشاء المبنى، فالعمل على المحتوى وتحديد الرؤية هو الأكثر أهمية».
ولفت في حديث إلى «الحياة» إلى أن الجميع ينتظر «صدور القرار بفتح صالات السينما، وهو قد يصدر في أية لحظة». وعن لجنة تقنين المحتوى الأخلاقي للتقنية، التي عين فيها ممثلاً للمجتمع المدني، وعن كونها تنطوي على رقابة من نوع ما، قال البازعي: «تقنين المحتوى الأخلاقي لا يمكن أن يعني الرقابة في أية حال من الأحوال، فمكافحة المحتوى المتعلق بالجنس واستغلال الأطفال والتحريض على العنف والتطرف وترويج المخدرات هي آفات أخلاقية لا بد من مكافحتها وحماية النشء منها، وحتى في الغرب «المتحرر» هناك منظمات حكومية وغير حكومية تعمل في الاتجاه نفسه وعلى المبادئ نفسها، واللجنة الوطنية لتقنين المحتوى الأخلاقي لتقنية المعلومات تسعى إلى التعاون معها والاستفادة من تجربتها.
المجتمع يعرف ويشتكي مما تحويه صفحات ومواقع الإنترنت والألعاب الإلكترونية، التي تتسرب إلى أيدي أطفالنا.. هذه هي مهمتنا».
وعن المهرجانات الشعبية، التي ظفرت بمظلة واعتراف رسمي، مثل مهرجانات الإبل والشعر، وعما إذا كان ذلك يخصم من حظ الثقافة الجادة والرصينة ويؤسس للعيوب الاجتماعية بالضرورة، عبر البازعي عن تحفظه «على طرح هذه الثنائية بهذا الشكل، فبداية ليس في الثقافة الشعبية ما يعيب، ويجب الاهتمام بها بشرط تنقيتها مما يمكن أن يدعو إلى الفرقة بين أبناء الوطن. كما أن طرح الثقافة «الجادة والرصينة» بمثابة مقابل للثقافة الشعبية يجعلها تخسر، والمثقفون الذين يترفعون عن جذورهم سيبقون على الرف ولن يحققوا امتداداً لهم بين مواطنيهم. الصحيح من وجهة نظري هو أن الساحة تتسع للجميع، ويجب أن تكون جميع البدائل متوافرة لكل الأذواق من دون حجر على أحد. سأتفق مع من قالوا إن حجم الإنفاق على مهرجانات الإبل والشعر وحجم الجوائز الممنوحة لمسابقاتها يجب أن يقابله دعم بالدرجة نفسها المقدم للأبحاث العلمية والابتكار، لكن لا يتوقع أحد أن نشهد مهرجانات بالقدر نفسه والترويج لقصيدة النثر - على سبيل المثال - مع تقديري الشديد لشعراء النثر».
وبعد جدل رقصة المزمار وعلاقتها بالحجاز، أكد أن موضوع تسجيل المزمار ضمن التراث العالمي غير المادي باسم المملكة العربية السعودية يؤكد عمق التاريخ الثقافي للمملكة، «المشكلة في أن من جادلوا في الموضوع أخذتهم العصبية القبلية قبل محاولة فهم «كيف تتشكل ثقافات الشعوب؟» فالمزمار ثبت بكونه لوناً شعبياً يمارس في منطقة الحجاز، وخصوصاً في حواضرها، بغض النظر عن أصوله وكيف ورد إلى المنطقة، فالثابت هو أن هذا اللون حاضر في المنطقة، ولم تطالب به أية دولة أخرى. للمعارضين رأي وجيه في أن هناك ألواناً أخرى حرية بالتسجيل ولم يجادلهم أحد في ذلك، لكن نظام التسجيل في «يونيسكو» لا يسمح بتسجيل أكثر من لون في الدورة الواحدة، لذا فإن القائمة تطول في الانتظار. أنا شخصياً مهتم وأود الاستعجال بتسجيل ألوان الموسيقى الحجازية الأصيلة مثل «المجس» و«الدانة»، فهي موسيقى فريدة وراسخة في العراقة والتفرد، رغم ما يمكن أن يقال بأن بعض إيقاعاتها وأنغامها قد تكون أتت من اليمن أو من الهند، فهذه طبيعة التمازج الثقافي بين الشعوب، التي تجعل التأثيرات تنتقل بينها بالاتصال البشري عبر الأزمان، والمهم هنا أن المحضن النهائي الذي تشكل فيه اللون الشعبي ووسمه بطابعه الخاص يمكنه أن يدعي ملكيته. خذ على سبيل المثال موسيقى «الجاز» الأميركية، الجميع يعرف أنها تعود إلى أصول أفريقية، انتقلت مع تجارة الرقيق إلى القارة الأميركية، لكن لا أحد يستطيع أن ينكر أنها تطورت وأخذت شكلها الحالي في ولايات الجنوب الأميركي وعرفت بها، ولا أحد في القارة الأفريقية يستطيع أن يدعي ملكيتها».
وكان البازعي طالب في وقت سابق بصوت أعلى لمؤسسات المجتمع المدني، ونسأله هنا عن رأيه في ما يعوقها، أكان ثقافة سياسية أم اجتماعية؟ قال إن كلا العنصرين تسبب في الإعاقة، «فالسياسي تأخر في الترويج للمفهوم وتمكينه والترخيص له - إلا أخيراً - والمجتمع لم يتعود على هذا النمط من الممارسة بعد، حتى لدى النخب.. انظر ماذا يحدث في المؤسسات الثقافية المحسوبة على المجتمع المدني وتعرف».
وعن المرأة، قال البازعي إنها أخذت دوراً «لم نكن نتوقع حدوثه قبل ثلاثة أو أربعة عقود ماضية، وستستمر في التقدم مع تقدم الحراك التنموي، لتأخذ مساحتها الطبيعية، ومثل هذا الجدل سيصبح قريباً من نوادرنا التاريخية، كما هي حال الجدل في تعليم المرأة». وفي ما يخص السر وراء انسحابه من الجمعية الدولية للعلاقات العامة، أوضح البازعي أنه يعتبر إنشاء فرع الخليج من الجمعية الدولية للعلاقات العامة، كان وما يزال من مبادرات المسؤولية الاجتماعية الرائعة من شركة «أرامكو» السعودية، وهو عمل في مجلس إدارة الجمعية ثلاث دورات متتالية، وشهدت في شكل مباشر كيف أن «أرامكو» لم تكن تبخل بأي دعم لقيام الجمعية بمهماتها في تطوير مهنة العلاقات العامة بالمنطقة، وتكاد تكون الداعم الوحيد للجمعية، «والذي حدث أنني لبيت طلب الجمعية لرئاسة لجنة انتخابات مجلس الإدارة في دورته الجديدة، وفوجئت بأن إدارة العلاقات العامة بالشركة عملت على الاستحواذ على معظم - إن لم يكن كل - مقاعد المجلس، وبالفعل ظهرت النتائج لتؤكد هذا المسعى، ولم يدخل من خارج الشركة إلا عضو واحد، إضافة إلى الأعضاء الممثلين لدول الخليج.
إذ تم الدفع بمرشحين من الشركة وتم حشد الأصوات لهم، إذ إن غالبية الأصوات في الشركة بالفعل. وانسحابي كان لأني رأيت أن هذا العمل تنقصه الحكمة، فهو لا يخدم الجمعية من ناحية، وأنه يحرمها من دعم مؤسسات أخرى كثيرة، ولا يخدم «أرامكو» السعودية إذ إنه يشوه مبادرتها الرائعة لخدمة المجتمع بإشراك أكبر قدر من الفاعلين في المهنة.. وخلصت إلى أن الجمعية بصيغتها الراهنة لم تعد تمثلني فانسحبت».
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق