جدة – عمر البدوي
منظر الحجاج الوافدين إلى بيت الله الحرام ومسجد رسول الله وهم يقعون ساجدين على أرض مطار جدة يتكرر كل عام ، في مشهد إيماني محظوظ من يصادفه أو يتأمل فيه .
جموع الناس وهي تفد من كل بقاع الأرض لتروي ضمأ أرواحها وتشبع النظر في مدارج ومسالك رسول الله وصحابته الكرام ، يستقبلهم أهل هذه البلاد بكل حفاوة وترحاب .
يصطفون في طوابير ينثرون عليهم الورد والفل ويسقونهم من كاسات زمزم الباردة ويوزعون عليهم الهدايا ويرددون بمعيتهم نشيد أهل المدينة يوم استقبالهم لرسول الله .
أول ما تطأ أقدام حجاج وزوار بيوت الله المحرمة هو أرض صالة الحجاج بمطار الملك عبد العزيز في جدة .
تقع الصالة شمال مطار الملك عبدالعزيز الدولي والتي اكتملت أول مرحلة منها عام 1981 ثم الاكتمال الكلي عام 1982 وبقيمة 4 مليار ریال ٬ وقد بنيت الصالة بسبب الطلبات المتزايدة لأداء مناسك الحج فضلاً عن التكدس والعشوائية في المطار القديم.
فكرت الحكومة السعودية في بناء صالة مخصصة للحجاج لاستيعاب التزايد المطرد للحجاج خلال نهاية السبعينات ، يساعد في تضاعف الأعداد سهولة المواصلات وتوافر سبل الراحة التي تتحقق كلما تقدم الزمن بالدأب الصناعي العالمي ، مما دفعها للتفكير في بناء وتخصيص صالة للحجاج تستوعب 20 طائرة كبيرة في وقت واحد .
موسم الحج الذي يستمر لقرابة ستة أسابيع يتسبب بتكدس بشري غير معتاد على مطار جدة ، بالإضافة إلى إشكاليات في تنظيم هبوط الطائرات القادمة خلال هذه الفترة ، جراء ذلك قررت الحكومة السعودية البدء بدراسة جادة لإنشاء مطار جديد يحل هذه المشكلة أوائل الستينات الميلادية ٬ وقد تحقق الحلم خلال عام 1974 عندم باشر المكتب المعماري سكيدمور ، أوينغز و ميريل " SOM " بتصميم المطار الجديد وتكليف كل قسم منه لإحدى مهندسيها العالميين .
يمكن للصالة استقبال ما يقارب 50000 حاج يومياً في المواسم ٬ وتعتبر هذه الصالة في الواقع مطاراً قائماً بحد ذاته مزودة بجميع الخدمات والمرافق الحكومية ووكلاء مؤسسات الطوافـة، ويتم استخدام هذه الصالة لاستقبال ضيوف الرحمن الذين يفدون سنويا لأداء فريضة الحج بالأراضي المقدسة.
ومن أبرز مزايا التصميم مراعاتها للتحكم في تدفق جموع الحجاج الغفيرة مع تخصيص مساحات مناسبة للمرافق الضرورية الأخرى ٬ وتوفر الصالة الجديدة دورات مياه ومطاعم بالإضافة إلى البنوك والمتاجر ٬ وتعزل صالة الحجاج عن الصالتين الأخرى لإعطاء القادمين شعور مميزاً ويختلف عن تلك المعتادة في المطارات التقليدية .
يتخذ المفهوم العام للصالة شكل المربع والمقسوم بالنصف إلى جزئين متطابقين ، تغطي 210 خيمة أسقف المطار وهي الشكل الشهير للصالة في وسائل الإعلام المحلية والدولية .
ولا يتوقف دور الخيام عند شكلها الجمالي واللافت فقط ، بل تساهم هذه الخيام بصد 75 % من ضوء الشمس المباشر بينما تسمح بعبور الهواء الطبيعي في نفس الوقت.
وخلال عام ٢٠١٠ وبمناسبة مرور ٢٩ عاماً على تشييدها وافتتاحها ، أضافت صالة الحجاج إلى سجلها جائزة المعهد الأمريكي للمهندسين المعماريين ، وعلقت اللجنة أن المشروع " وضع معياراً جديداً للعديد من المطارات بمراعاته الناحية البيئية وعكس الثقافة المحلية " ٬ قبل ذلك حاز التصميم على 6 جوائز عالمية ٬ منها أكبر منشأة صنع هيكلها من أنسجة التفلون المثبتة.
ويقف خلف هذا الصرح الكبير المعماري العالمي من أصول بنجلاديشية المهندس فضل رحمان خان والذي كان يعمل لصالح مكتب SOM الأمريكي.
كان " فضل " يرمي من وراء تصميم الهيكل الإشارة إلى معنى الضيافة السعودية ٬ حيث تلعب الخيام دوراً محورياً في الثقافة المحلية ٬ وذكر أن استخدام الخيام في صالة السفر تعطي شعوراً مختلفاً ولا تعني بالضرورة الرجوع إلى الماضي بل تقودنا إلى المسير نحو المستقبل.
تعليقات
إرسال تعليق