مكة المكرمة – عمر البدوي
إذا كانت الصورة بألف كلمة ، فإن التقاط صورة جميلة ومعبرة أصعب بكثير من كتابة كلمة بديعة ومؤثرة ، الفوز بالتقاطة مختلفة يكلف الكثير من العمل ، هي ليست مجرد حبر ينسكب ، ولا حروف تنظم ، هي روح مكان وعبق زمان وإحساس مهيمن ، كل ذلك يتحمل المصور مسؤولية أن يجعله في لقطة واحدة ، يؤطره في لحظة تحتبس كل المعاني والتفاصيل الدقيقة .
الكلمة قد ترن في الأذن وتداعب العقل ، وتحتال على القارئ ، ولا تملك الصورة من الإمكانات والأدوات سوى قدرتها وبراعتها في نقل الإحساس إلى الرائي كما هو ، تستثير كوامنه ، تستحث مشاعره ، تأخذ بتلابيب انتباهته ٬ ويد تركيزه إلى بر المعنى الذي تعالجه الصورة وتضمه باهتمام .
يكون الأمر أصعب وأنت في ميدان فسيح ومضمار وسيع مثل موسم الحج ، إن تكليفك بمهمة أن تكون مصوراً في البقاع المقدسة التي تضم ولأيام معدودات ملايين البشر ، أمر شاق ومضني ، تبدو كل الزوايا مستهلكة ، والأفكار مكرورة ، والفرص مطروقة ، البحث عن الاختلاف في هذا الميدان تحدي ، وتحدٍ صعب .
كما أن مناسبة دينية بقيمة موسم الحج يتحمل المصور مسؤولية أخلاقية وثقافية كبيرة ، في ظل ما يتعرض له الإسلام من هجمة تخصم من رصيده الإنساني والأخلاقي ، يأتي الحج كفرصة ذهبية لاستظهار ما يضمه الدين الحنيف من سماحة واعتدال وقدرة على استيعاب الاختلاف والتعدد .
هذا أبرز ما تجده في نفسك وأنت تتصفح الصور واللقطات التي تمخضت عن جهد المصور السعودي علي العبد اللطيف ، إذ شارك ومجموعة من المصىرين الشباب السعوديين في تكوين مكتبة ضخمة من صور الحج هذا الموسم ، فازت أغلبها بتقدير الناس وإعجابهم .
لكن بعضاً منها حقق الاختلاف ، والعبد اللطيف ممن فاز بلقطة الموسم ، لوحة لمسلمين شتى ، يمدون أيديهم على جدار الكعبة الطاهر ، يسألون الله إلحاحاً العفو والمغفرة ، اختلفت ألوانهم تبعاً لأعراقهم ، لكن جمعهم صعيد واحد ، وهم واحد ، ودين واحد ، لقد نجحت الصورة في تجسيد معنى المساواة التي تغمر هذا الدين في كل تفاصيله ، ربما طمستها بعض شذوذات الواقع لكنها بقيت مصونة في عهدة الفطر المسلمة المنزهة من كل غوائل التفرقة والتخالف .
" الحياة "
التقت المصور علي العبد اللطيف ، سألته عن ما وجده من ردود الفعل على التقاطاته العبقرية ، يقول "
الردود إيجابية جداً و مفرحة .. و الناس متعطشة لترى الحج و تعيش تفاصيله من خلال مواد إعلامية حقيقية
" .
يؤكد العبد اللطيف أن الجهد الذي بذله وزملاؤه خلال هذا الموسم ، جاء محاولة منهم للمساهمة في خلق صورة ذهنية ايجابية عن الإسلام وموسم الحج ، ويقول "
الصورة جزء من الإعلام و جزء مهم و مؤثر ٬ لسهولة انتشارها و تناقلها خصوصاً مع الشبكات الاجتماعية .. لكن يبقى علينا مهمة كبيرة تجاه ديننا فالتغطية الإعلامية المميزة هذه السنة هي بداية بإذن الله لخطوات أكبر .. نساهم فيه و نعكس الصورة الحقيقة عن ديننا .
الحج يعتبر حدث ضخم و ليس بالسهل أعداد كبيرة من الناس و من جميع الجنسيات في مكان واحد و يؤدون مشاعر واحدة ٬ يجب أن يظهر هذا للعالم أجمع ليتبيّن وحدة هذا الدين .. بالإضافة إلى إظهار المجهودات الضخمة المبذولة من وطننا الغالي
" .
يشجع العبد اللطيف فتح الفرصة للشباب السعودي في انتاج مواد اعلامية وبصرية تخدم صورة البلاد اقليمياً وعالمياً ، ويشير بأن إعطاء الفرصة للشباب السعودي المبدع في خدمة دينه و وطنه بدأ مع مؤسسة مسك الخيرية التي أعطت الفرصة للشباب وبدعم من الأمير محمد بن سلمان .
تعليقات
إرسال تعليق