آخر تحديث: السبت، ٢ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)جدة – عمر البدوي
< على مدى أسابيع، وفي بقعة صغيرة من هذا الكون الفسيح، يفد الملايين من البشر، من كل أنحاء الأرض البعيدة وأقاصيها النائية، زرافات ووحدانا، عبر الجو والبحر واليابسة، يقصدون بيت الله الحرام ومسجد رسوله الكريم صلَّى الله عليه وسلَّم، للقيام بواجب الحج لمرة واحدة في العمر، قل أن تتكرر، أمام ذلك لا ينبغي أن تمضي هذه المرة اليتيمة ببساطة. أهل هذه البلاد يحاولون قدر المستطاع توفير كل الإمكانات المتاحة، يجتهدون لبذل المستحيل في سبيل إظهار الحفاوة والترحاب بالقادمين إليهم من كل مكان، إنها فرصة للاثنين معاً، لمن يقصد بيت الله ويلبي نداءه ويقوم بواجبه، وكذلك لمن ابتسم له الحظ، ووقع في طريق القوافل التي تسير وتزف قلوبها في جحافل الإيمان.
أصبح عادة لدى أهل المدن والمحافظات والبلدات التي تحاذي مواقيت الحج والعمرة أن تنصب خيامها وتجيش شبابها ومؤسساتها الحكومية والأهلية لاستقبال حجاج بيت الله قبل أسابيع من حلول الموسم وحتى وصول آخر حاج وقاصد لبيت الله والمشاعر المقدسة. قبل ميقات يلملم السعدية، يسعك أن تختار النزول في مخيم استقبال الحجاج في محافظة القنفذة «٣٠٠ كلم عن مكة المكرمة» أو المخيم الآخر في محافظة الليث «٢٠٠ كلم عن مكة» وفي أي منهما ستجد استقبالاً نوعياً، يلبي المطالب المختلفة والحاجات المتعددة لضيوف الله وبيته المعظم. إذ أقامت محافظة القنفذة مخيمها السنوي المتكامل لخدمة الحجاج، لاستقبال ضيوف الرحمن من حجاج اليمن والقادمين عبر الطريق الساحلي جازان - مكة المكرمة. ويحتوي المقر على كامل التجهيزات الخدمية والتثقيفية التي يحتاج لها ضيوف الرحمن بسواعد أهالي وشباب المحافظة، ويعمل على مدار الساعة، في تقديم خدمات توعوية، ووجبات غذائية صحية، ومشروبات ومرطبات، وكتيبات إرشادية، وخدمة الكشف والعلاج المجاني، وتحويل الحالات المرضية التي تستدعي للمستشفى.
ويتوافر المخيم على عيادات كشف للرجال وللنساء بها أطباء وفنيون وممرضون وممرضات، كما توجد به صيدلية متكاملة وسيارات إسعاف مجهزة تجهيزاً كاملاً لنقل الحالات الطارئة للمستشفى العام. في المدينة المنورة كذلك تنصب مخيمات الاستقبال منذ سنوات، وقد صدرت التوجيهات في وقت مبكر لرفع الطاقة الاستيعابية للمخيم التطوعي لاستقبال ضيوف الرحمن من حجاج بيت الله الحرام، من 60 ألف حاج وزائر ومعتمر إلى 200 ألف.
المخيم الكائن بطريق الهجرة قدم خدماته لضيوف الرحمن ووفر لهم الوجبات السريعة والمياه المبردة، إضافة إلى توفير عيادة طبية لتقديم الرعاية الصحية، وصرف الأدوية، وقضاء الحجاج فترة من الراحة لاستكمال طريق سفرهم للمشاعر المقدسة وأداء مناسك الحج. وتقدم المخيمات المختلفة خدماتها العديدة بالتعاون مع الإدارات الحكومية والجهات والمؤسسات الخيرية كهيئة الهلال الأحمر السعودي وسواها.
وأنت تشاهد شباب الفرق التطوعية والمجموعات الخيرية التي ينتمون إليها، وهم يقدمون خدماتهم ويرحبون بالقادمين، ويبذلون لهم سبل الراحة والخدمة والضيافة، تشعر بحجم العطاء والمسؤولية معاً في موقفهم هذا، الأمر نفسه بالنسبة إلى الحجاج وهم ينزلون من مركباتهم ويتناولون الخدمات المختلفة المتاحة لهم بالمجان، يشعرون بالغبطة والامتنان لهؤلاء الشباب.
ويبدي عدد من الحجاج سعادتهم بما شاهدوه من الضيافة وحفاوة الاستقبال في المخيم، رافعين أيديهم إلى السماء بالدعاء لهذه الخدمات الجليلة لضيوف الرحمن والتسهيلات التي يتلقونها. لا يتوقف الأمر عند الطرق المؤدية إلى مكة المكرمة، بل وفي قلب العاصمة المقدسة يجهز بعض العُمد في حاراتها وأحيائها العتيقة «مركازاً» لكل واحد منهم خلال موسم الحج، يجسد رؤية أهالي مكة المكرمة في ضيافة حجاج بيت الله الحرام، وفي تعريفهم بعادات الضيافة والكرم التي توارثوها جيلاً عن جيل، وأنهم يعرفون حق الضيف الذي تتضاعف قيمته وهو ينزل في جوار بيت الله وحرمه المعظّم.
ويقوم بعض العُمد باستضافة مجموعات من الحجاج كل يوم، بهدف تعريفهم بالموروث الثقافي والاجتماعي والحضاري للسعودية، ويتعرف الحاج بفضل هذه المضافات إلى تقاليد أهل البلد العتيقة التي لم يكن في حسبانه الوقوف عليها، مثل الملابس والفولكلور مروراً بالعادات والتقاليد وصولاً للمأكولات وانتهاءً بالمشاريع الحضارية.
الرابط :
تعليقات
إرسال تعليق