التخطي إلى المحتوى الرئيسي

مبادرات فنية عالمية لأنسنة المدينة المنورة وتحويلها إلى منصة حضارية ثقافية


آخر تحديث: الأحد، ١٠ سبتمبر/ أيلول ٢٠١٧ (٠١:٠٠ - بتوقيت غرينتش)المدينة المنورة - عمر البدوي 

< حضر الفنان العالمي الفرنسي من أصل تونسي «إلسييد» إلى مدينة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قبل انطلاق موسم الحج بأيام لتنفيذ واحدة من المبادرات الفنية التي يقوم عليها شباب المدينة، بهدف تعزيز حضور الفن في شوارع المدينة واستنطاق أزقتها وشوارعها بروح الألوان الزاهية والبهيجة. مبادرة كبيرة من شباب المدينة المنورة تؤسس لحضور الفن في واحدة من أكثر مدن العالم شهرة وذيوعاً، إذ يزورها المسلمون من كل أصقاع العالم بثقافاتهم المختلفة، والفن لغة عالمية يصح أن تكون لسان تخاطب البشرية جمعاء.
مؤسسة نماء وهي الجهة الراعية للمبادرة قامت بدعوة «إلسييد» وهو فنان عالمي له أصداء واسعة جداً، ليرسم جدارية في المدينة المنورة، إلسييد يحتفظ بسجل واسع من الأعمال المميزة في ميادين مشهورة بعواصم أوروبية، وأقيمت له معارض في مختلف أنحاء العالم، وسيلقى عمله في مدينة رسول الله أصداء واسعة كذلك.
الرحالة السعودي إبراهيم سرحان، الذي قضى ردحاً من عمره يجول ويزور مدن الأرض الكثيرة، أعجب بالمبادرة وشدد على أهمية الفنون و«تأثيرها الذي أهملناه طويلاً، وكيف أنها كانت سبباً كبيراً لدخول الكثيرين في الإسلام».
‏على امتداد ثلاثة أيام كانت المدينة في موعد مع الفن والجمال على يد الفنان المتخصص في فن الكاليغرافيتي «إلسييد» الذي يزورها، ‏ويضع اللمسات النهائية على إحدى الجداريات التي يشتغل عليها في شوارع المدينة على طريق الأمير عبدالمجيد.
المصور السعودي معاذ العوفي هو أحد أبناء المدينة المبدعين، وجزء من خريطة مشهدها الفني الذي يحظى بأفضل مراحله نمواً وازدهاراً، أشاد بالخطوة واعتبرها قيمة فنية عالمية بمبادئ مستمدة من تاريخ المدينة، وتأتي نتيجة تعاون مشترك مع شبابها ومبدعيها، وبداية لمشروع شامل مشترك وهدفٍ سامٍ. الفكرة هي أولى مبادرات «نماء المنورة» وهي منظومة من المؤسسات والمشاريع التنموية التي تتكامل لتعزز نمو روّاد الأعمال واستدامة المنشآت الريادية.
مدني سندي، أحد أعضاء مجموعة نماء المنورة قال: «العمل جارٍ على قدم وساق والدعوة مفتوحة لجميع فناني المدينة للمشاركة في العمل.. وبالنسبة للعمل فهو عبارة عن أبيات شعرية في وصف المدينة».
واصل الفنان بعث الحياة الفنية في شوارع المدينة والتقى بالفنانين الشباب من أبناء المنطقة في قاعة هيئة تطوير المدينة المنورة للحديث عن فنه الكاليغرافيتي وتجربته، وهناك التقى بثلة من المبدعين ممن يتطلع إلى العالمية عبر تجربة واحد من أكثر الأسماء شهرة وتأثيراً، كما يتحملون مسؤولية مدينة تقف على قمة اهتمام ملايين المسلمين، يكنون لها الحب والتقدير، مما يضاعف من مهمتهم للارتقاء بكل قدراتها وحضور اسمها في المحافل الدولية.
يأتي هذا في إطار اهتمام وعمل هيئة تطوير المدينة التي تتبنى عدداً من المشاريع والمبادرات لتحسين الهوية البصرية والذوقية للمدينة المنورة ضمن توجه ضخم تسميه «أنسنة المدينة»، يراهن على كل الموجودات التاريخية والحقيقية لهذه المدينة التي تقع في القلب من كل التحولات التاريخية والثقافية التي تعرفها السعودية.

من ذلك ما تقوم به الهيئة أخيراً من عمليات تطوير طريق قباء في المدينة المنورة ضمن برنامج أنسنة المدينة، وذلك لتحويله لطريق مشاة بالكامل في إطار الاستثمار الشامل لكل مقدرات المدينة وتحويلها إلى علامة ثقافية وحضارية.



الرابط :




تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

انحسار الشافعية من جنوب السعودية : ماذا خسرت ” القنفذة ” بجفاف طبيعتها الدينية ؟

البندر | عمر البدوي - القنفذة استقر في ذهني أن المذاهب التي تشق طريقها في جسد كل دين هي بمثابة عمليات التسوية بين أوامر الشريعة وحاجات الإنسان ، بين المبادئ والمصالح ، بين الدين والدنيا ، بين الحق والهوى ، بين عزائم الدين وظروف البيئة ، وهذا يعطي الأديان فرصة العيش بانسجام واحترام مع البشرية ، كما أنه يعطيها القدرة على البقاء والصلاح لكل زمان ومكان . إذ تختلف طبائع البشر حسب جذورهم العرقية وظروفهم البيئية وتوافر الشروط المادية ، ولأن الأديان لا تصادم مصالح البشر ، فإن المذاهب تقدم جهداً في سبيل إعادة صياغة المقدس مع الواقع ، وتفسير النص على ضوء المصالح . كما أن الاختلاف وارد في سنن الكون وطبيعة البشر وتركيبة الدنيا ونسيج الحياة ، وهذا ما يفرز مذاهب متعددة تنتمي لها الطوائف عن قناعة ورضا وينبت على هوامشها التعصب لدوافع الانتماء العميق والاحتماء بالكيانات المختلفة التي تمنحهم الشعور بوجودهم وتميزهم وتمنحهم هوية البقاء والحياة . وكل من يصادم الطبيعة المودعة في مكنون الدنيا لأغراض سياسية أو اقتصادية أو حتى دينية متخيلة ، فإنه لابد سيقع في قبضة المغامرة غير المحسوبة وس...

تمجيد صدام حسين المجيد

كان يمكن للقصة الشهيرة التي تداولها عامة العرب عن صورة الرئيس العراقي الراحل صدام حسين مطبوعة في كبد القمر أن تكون مجرد مزحة عابرة تذوب مثل قطعة ثلج أو تتبخر مثل بؤرة ماء، ولكن القصة المختلقة التي شاعت عشية تنفيذ حكم الإعدام في حقه من قبل الحكومة العراقية بعد إسقاط نظامه وتفكيك الدولة العراقية نتيجة حرب خاضها حلف دولي تقوده الولايات المتحدة، تمكنت في أذهان جيل بأكمله وتطورت إلى أشكال متجذرة لترميز الرئيس العراقي المخلوع. أصبح صدام ذا شعبية أكبر لدى قطاعات واسعة من الشباب العربي، فبإمكانك أن تلاحظ حجم الصور التي تنتشر له والأقوال المختلقة في محاولة لاستنطاقه بما يتمناه الشاب العربي من خطاب مشبع بالأنفة والاعتزاز ضد غطرسة الجانب الغربي من العالم أو الطائفة الشقيقة للغالبية السنية في الشرق الأوسط. لا تبدو سيرة صدام حسين مثيرة للإعجاب في التاريخ، فهو مجرد حاكم عربي عسكري يشبه أترابه ممن يقبض على سدة حكم الجمهوريات العربية المرتبكة في تقديم هوية سياسية ونظام حكم متماسك، يضاف إليه بطش أهوج وديكتاتورية مطبوعة بنزقه الشخصي وجنون العظمة الذي أودى بمستقبل العراق وشعبه في جملة من المغا...

«بيت الرشايدة».. «وقف» تحول «أكاديمية» تحتفظ بأسرار جدة

جدة – عمر البدوي   تسجل حارات وأزقة جدة القديمة، التي لا تزال تحتفظ بروحها وعبق تاريخها في الأبنية الشاهقة، وهي تقف في قلب المنطقة التاريخية، شهادة على النواة الأولى التي انبثقت منها واحدة من أهم المدن التجارية في تاريخ المملكة والشرق الأوسط. في حارة الشام، وتحديداً في شارع أبو عنبة، يقف معمار أخضر شامخاً بين أبنية المنطقة، على باب المبنى لوحة نُحتت عليها آية قرآنية، وأرّخت اللوحة في العام 1301 للهجرة. ويُسمى هذا المعمار «بيت الرشايدة»، نسبة إلى بانيه محمد عبدالرشيد، ويتكوّن من أدوار عدة، وأوقفه الرشيد علي العثماني في العام 1333هـ، بيت الرشايدة أو البيت الأخضر من أجمل البيوت التراثية وسط جدة القديمة، ويعود عمره إلى أكثر من 150 سنة. وتعود تسمية البيت إلى قبيلة الرشايدة التي ينتمي إليها بانيه وموقفه، وهي من القبائل المهاجرة من الحجاز وإليه. إلا أن ملكية البيت الآن تعود إلى وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد السعودية. ولأن البيت خلال الستينات الميلادية من القرن الماضي، احتضن نشاطاً أكاديمياً، تحول الآن وبفضل أحد فنّاني جدة إلى «أكاديمية حديثة»، بعدما استأجر...